للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالأمانة والنظافة وعدالة المعاملة وشرف الأخذ والعطاء، ومكافحة السرقة الخفية سواء قام بها الأفراد أم قامت بها الدول. فهي بذلك ضمانة لحياة إنسانية أفضل، وضمانة للعدل والسلام في الأرض بين الناس" (١).

ومن الاعتماد على القصص في تأسيس المفاهيم وتصحيح المظاهر السلوكية الاقتصادية ننتقل إلى طريقة أخرى من طرق الإعلام الاقتصادي في القرآن الكريم لتوصيل رسالته لعموم المؤمنين وهي:

[٢ - تنويع الخطاب]

القرآن الكريم في حقيقته تركيب عجيب في بناء آياته، وفي الموضوعات والقضايا التي يتناولها ويتنوع الخطاب في القرآن إنشاءً أو إخباراً، أمراً ونهياً، وترغيباً وترهيباً، ووعداً ووعيداً، وإخباراً وتذكيراً، واعتباراً وإنذاراً.

والمتتبع للخطاب القرآني الاقتصادي، يجد أنه يأتي على أنواع عديدة منها:

الأسلوب الإنشائي المتضمن للنداء والأمر والنهي والاستفهام.

وقد جاء هذا الأسلوب بكثرة ووفرة في آيات القرآن الكريم فمنه: قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (٢). والنداء للناس عامة، فقد أباح لهم ربهم الأكل من ممارزقهم في الأرض حلالاً طيباً. " وهذا الأمر بالإباحة والحل لما في الأرض - إلا المحظور القليل الذي ينص عليه القرآن نصاً - يمثل طلاقة هذه العقيدة، وتجاوبها مع فطرة الكون وفطرة الناس. فالله خلق ما في الأرض للإنسان، ومن ثم جعله له حلالاً، لا يقيده إلا أمر خاص بالحظر، وإلا تجاوز دائرة الاعتدال والقصد. ولكن الأمر في عمومه أمر طلاقة واستمتاع بطيبات الحياة، واستجابة للفطرة بلا كزازة ولا حرج ولا تضييق. . كل أولئك بشرط واحد، هو أن يتلقى الناس ما يحل لهم وما يحرم عليهم من


(١) - في ظلال القرآن. الأستاذ سيد قطب ٤/ ١٩١٧
(٢) - سورة البقرة. آية: ١٦٨

<<  <   >  >>