للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي أثره جميع ما خلق وذرأ، والحكم الديني، الذي أثره جميع الشرائع، والأوامر والنواهي. وفي الآخرة يحكم بحكمه القدري والجزائي، ولهذا قال: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فيجازي كلا منكم بعمله، من خير وشر." (١)

وقال سبحانه {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (٢). قال الإمام ابن كثير رحمه الله:" ينكر تعالى على من خرج عن حُكْم الله المُحْكَم، المُشْتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعَدَلَ إلى ما سواه، من الآراء والأهواء ...... كما كان أهل الجاهلية يَحْكُمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ....... {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي ومن أعدل من الله في حكمه؟!. لمن عقل عن الله شرعه، وآمن به، وأيقن وعلم أن الله سبحانه أحكم الحاكمين" (٣).

ومن أهداف التوجيه الإعلامي السياسي في القرآن الكريم:

[٢ - التأكيد على وحدة الأمة الإسلامية]

* إن الإسلام هو الرابط الوثيق، والوشيجة الأسمى بين المسلمين، بحيث تتقدم رابطتُه، رابطةَ الدَّم والعِرْق. قال الله تبارك وتعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (٤) فأمر اللهُ المسلمين أن يكونوا أمة واحدة، متينة الروابط، قوية العقيدة، قويمة الخلق، عزيزة الجانب، يتساوى أفرادها في الحقوق والواجبات، تتعاون على ما يجلب لها الخير، ويدفع عنها الضر، وتتكاتف في سبيل نصرة الشريعة المطهرة، وإعلاء كلمة الله. ولذلك شرع الله تعالى للمسلمين من الأحكام والتعاليم ما يجمع شملهم، ويوحد كلمتهم، ويلم شعثهم ويضم شتاتهم، وامْتَنَّ عليهم بذلك فقال سبحانه {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٥).


(١) - تفسير السعدي / ٨٧١
(٢) - سورة المائدة. آية ٥٠
(٣) - تفسير ابن كثير ٢/ ٩٤ - ٩٥
(٤) - سورة آل عمران. آية ١٠٣
(٥) - سورة الأنفال. آية ٦٣

<<  <   >  >>