للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المدبر العاجز من جميع الوجوه، مع الخالق المدبر القادر القوي، الذي قد قهر كل شيء ودان له كل شيء.

ففي هذه الآية، إثبات وحدانية الباري وإلهيته، وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين وبيان أصل الدليل على ذلك وهو إثبات رحمته التي من آثارها وجود جميع النعم، واندفاع [جميع] النقم، فهذا دليل إجمالي على وحدانيته تعالى" (١).

o تعظيم الله سبحانه، بمقتضى معرفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا، والتي وردت في مثل قوله عزَّ وجلَّ {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (٢٢) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٢٣) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤)} (٢). فهذه الآيات الكريمات إعلام رباني، بما له سبحانه من أسماء حسنى وصفات مُثْلى؛ فهو الإله المعبود، ذو العلم المحيط بالسر والعلن، والرحمة الواسعة في الدنيا والآخرة، وهو سبحانه ملك الممالك، الطاهر المبارك، السالم من جميع العيوب والنقائص، المتصف بصفات العز والكبرياء والجبروت فلا يُرَد حكمه، ولا يُعَقَّب على أمره، وهو عزَّ وجلَّ المبدع لخلقه إيجاداً وتصويراً كما يشاء، فمن علم ذلك لا يسعه إلا أن ينطلق لسانه بالتسبيح له تعالى والخضوع له عزَّ وجلَّ.

o الإعلام برحمه الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهم الرسل، يهدونهم إلى صراط الله تعالى، ويبينون لهم كيف يعبدون الله. قال عزَّ وجلَّ {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (٣)،قال ابن كثير رحمه الله " وقوله: {رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} أي: يبشرون من أطاع الله واتبع رضوانه بالخيرات، وينذرون من خالف أمره وكذب رسله بالعقاب والعذاب، وقوله: {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي: أنه تعالى أنزل


(١) - تفسير الكريم الرحمن (تفسير السعدي) ص ٨٢ - ٨٣. (مرجع سابق)
(٢) - سورة الحشر، آية: ٢٢ - ٢٤.
(٣) - سورة النساء، آية: ١٦٥.

<<  <   >  >>