للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} (١) فما تحقق لهم ظهور ولا تمكين إلا بما تَحَلَّوْ به من صبر ويقين، أشار إلى ذلك ربنا سبحانه فقال {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤)} (٢).

ويبقى معنا هدف رابع أخير، من أهداف الإعلام السياسي في القرآن الكريم وهو:

[٤ - تعريف الأمة بأحكام الإسلام في إدارة الحكم والشئون العامة]

وهذا هدف - أراه - من أشد الأمور ضرورة في عصرنا هذا خاصةً، وقد انتشرت وتأصلت دعوات كثيرة منحرفة، ليس لها من هَمٍّ سوى التخلص من الدين وسلطانه، والتهوين من منزلة النصوص المقدسة، التي نزل بها الكتاب تنظيماً لحياة البشر، وضبطاً لها على الطريق القويم، الذي يجلب لهم المنافع والمكاسب، ويدفع عنهم الأضرار والخسائر.

ورغم عدم ورود لفظ السياسة ومشتقاته بالقرآن إلا أن ذلك لا يعني أن القرآن الكريم أهمل الجانب السياسي فلم يتعرض له أو يعتني به " ولا ريب أن هذا القول ضَرْب من المغالطة، فقد لا يوجد لفظٌ ما في القرآن الكريم، ولكن معناه ومضمونه مبثوث في القرآن ............. فالقرآن وإن لم يجئ بلفظ (السياسة) جاء بما يدل عليها، ويُنبئ عنها" (٣). ويتضح هذا المقال حين نستعرض بعضاً من عناوين الموضوعات السياسية وغير ذلك من إشارات القرآن، التي تؤسس لبناء ضخم من مؤسسات عامة، وسلوكيات مُنْضَبِطة. وكشأن القرآن - في كثير من الموضوعات - يكتفي العزيز العليم سبحانه بقواعد، وأسس عامة، في الإرشاد والتوجيه، ثم يترك المجال فسيحاً خصباً للمكلفين، يتوسعون فهماً، وتطبيقاً، واجتهاداً في تحصيل مصالحهم، وتحقيق أسباب الاستقرار، والرخاء في معاشهم، بما لا يخالف، أو يتعارض مع ما جاء به الدستور الإلهي، والبيان الرباني.


(١) - سورة الأعراف. آية: ١٣٧
(٢) - سورة السجدة. آية: ٢٤
(٣) - مقال على موقع القرضاوي
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=٢&item_no=٥٨٨٠&version=١&template_id=١١٩&parent_id=١٣

<<  <   >  >>