للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} (١)، هذا الحشد من النعم وصنوف الرعايات الربانية لخلقه، وما اشتملت عليه الآيات من استفهام تقريري وما بعدها، يوقظ الأفهام، فالذي أنعم بهذه النعم الجليلة، التي لا يُقَدَّر قَدْرُها، ولا يُحْصَى عددُها، كيف تكفرون به، وتجعلون له أنداداً، وتكذبون ما أخبركم به من البعث والنشور؟ أم كيف تستعينون بنعمه على معاصيه، وتجحدونها؟!!

فإذا عمي البعض عن إبصار ما حولهم من الآيات والدلائل، ولم تتحرك قلوبهم نحو ربهم؛ خضوعاً وانقياداً، نقلهم القرآن بأساليبه إلى سبيل ممهد، ومقدمات يسيرة، لا تعقيد فيها، ونتائج يقينية، لا شك، ولا ريب فيها. وهذا الأسلوب الإعلامي هو:

٨ - الإعلام بحقائق الإيمان بمخاطبة العقول ومحاججة الأفهام وذلك بواسطة استعمال القرآن الكريم لمقدمات عقلية، يتحصل بها المعاني الحاسمة، والحجة الدامغة، على أن الحق واحد، وهو توحيد الله تعالى، وأن ما يدعون من دونه ويشركون به باطل، زاهق لا برهان عليه، ولا حجة به، وقد تقررت هذه الأدلة وتكررت في القرآن كثيرا ومن هذه المواضع: قوله تعالى {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (٢١) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢)} (٢)،قال العلامة السعدي رحمه الله " فالمشرك يعبد المخلوق، الذي لا ينفع ولا يضر، ويدع الإخلاص لله، الذي له الكمال كله وبيده الأمر والنفع والضر، وهذا من توفر جهله، وشدة ظلمه، فإنه لا يصلح الوجود، إلا على إله واحد، كما أنه لم يوجد، إلا برب واحد. ولهذا قال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ} أي: في السماوات والأرض {لَفَسَدَتَا} في ذاتهما، وفسد من فيهما من المخلوقات. وبيان ذلك: أن العالم العلوي والسفلي، على ما يرى، في أكمل ما يكون من الصلاح والانتظام، الذي ما فيه


(١) - سورة النبأ، آية: ٦ - ١٦
(٢) - سورة الأنبياء، آية ٢١ - ٢٢.

<<  <   >  >>