للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن بيان هذه الأسس، والأصول القرآنية العظيمة، لبناء المجتمع المسلم، ننتقل إلى هدف آخر من أهداف الإعلام الاجتماعي في القرآن الكريم، وهو:

تنمية الحس الاجتماعي لدى أفراد المجتمع.

" لا يستطيع (الإنسان) أن يعيش وحده , بل لا بد أن يتعاون مع غيره , حتى تستقيم حياته , وتتحقق مطالبه , ويستمر نوعه. وقد قال الشاعر العربي:

الناس للناس من بدو وحاضرة ... بعض لبعض - وان لم يشعروا - خدم. (١)

والإسلام لا يصور الإنسان وحده، إنما يصوره في مجتمع، ولهذا توجهت التكاليف إليه بصيغة الجماعة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}. ولم يجئ في القرآن (يا أيها المؤمن) وذلك أن تكاليف الإسلام تحتاج إلى التكاتف والتضامن في حملها والقيام بأعبائها. يستوي في ذلك العبادات والمعاملات .... وقد علَّم الإسلامُ المسلمَ أن يقول إذا ناجى ربه في صلاته: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٢). فهو يتكلم بلسان الجماعة, وإن كان وحده, وكذلك إذا دعا ربه دعا بصيغة الجمع: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (٣). فالجماعة حيّة في وجدانه، حاضرة على لسانه." (٤). ويتعاظم هذا الحِسُّ الاجتماعي أكثر، وأكثر، كلما ازداد المسلم نهْلاً من كتاب ربه العزيز، وفيه يقول سبحانه عن الصلاة والزكاة {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (٥).

ويقول تعالى في الصيام {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٦)

ويقول تعالى في الحج والعمرة {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (٧).

فهذه الأوامر الربانية، في هذه الآيات وغيرها، كلها موجهة لعموم المكلفين فرداً فرداً، ونجدها دائماً تخاطبهم مجتمعين كوحدة واحدة، وهذا هو المراد من أفراد المجتمع المسلم، أن يكونوا دائماً


(١) - القائل الشاعر ابو العلاء المعري
(٢) - سورة الفاتحة. آية: ٥
(٣) - سورة الفاتحة. آية: ٦
(٤) - ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. ص: ٦ - ٧
(٥) - سورة البقرة. آية: ٤٣
(٦) - سورة البقرة. آية: ١٨٣
(٧) - سورة البقرة. آية: ١٩٦

<<  <   >  >>