للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهبني قلت: هذا الصبحُ ليلٌ ... أيعمى العالمون عن الضياءِ (١)

فلم يجدوا إلا نشر الأكاذيب والافتراءات بشأنه {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} (٢)، يفعلون ذلك باضطراب وهلع مما يعاينونه من عظمة في النظم، وسمو في الأخلاق، ورُقِيٍّ فيما يدعو إليه، يجلي الحق، ويفند الباطل، يهدي لأقوم الطرق، ويقود لأحسن السبل، فكل خير يأمر به ويحث عليه، وكل شر ينهى عنه ويحرم دواعيه قال سبحانه {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (٣).

ولما كان رسولنا عليه الصلاة والسلام هو النبي الخاتم ختمت به النبوات والرسالات، فرسالته باقية إلى يوم القيامة، وعامة إلى كل الأمم، في كل زمان ومكان، لذلك كان لابد للمعجزة من البقاء، ليعاينها كل من آمن أو دُعِيَ إلى الإيمان، وقد كان، فقد تكفل الله سبحانه بحفظ كتابه من كل تحريف أو نقصان، فقال سبحانه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٤)، فهو الكتاب العزيز المعجز من جميع نواحيه بنظمه وسبكه، وشعائره وأخلاقه، بقصصه وعظاته، وأحكامه وتشريعاته. وصفه الله سبحانه فقال {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (٥).

"فبقي القرآن تحدياً لكل من في الأرض من كل الأمم من عرب وغيرهم، وما من متأمل منصف إلا ويحني رأسه، ويعلن استسلامه وإسلامه أمام هذا الإعجاز الحي الناطق لكل زمان ومكان، الذي لا يموت ولا يبلى، ولا تزيده الأيام إلا شدة وقوة، وظهوراً ووضوحاً" (٦).

المطلب الثاني: الإعلام في القرآن


(١) - البيت لأبي الطيب المتنبي، من قصيدة يمدح بها الحسين التنوخي. ديوان المتنبي ط ١ دار الكتب العلمية بيروت - ١٤٠٦هـ / ١٩٨٦م.
(٢) - سورة الأنبياء. آية: ٥.
(٣) - سورة الإسراء. آية: ٩
(٤) - سورة الحجر. آية: ٩.
(٥) - سورة فصلت. آية: ٤٢.
(٦) - المعجزة القرآنية. د محمد حسن هيتو. صـ ٦٩. الطبعة الثالثة. مؤسسة الرسالة. ١٩٩٨م. بتصرف.

<<  <   >  >>