للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} (١) قال الإمام ابن كثير رحمه الله ما مختصره "يخبر تعالى عما يعاقب به في نار جهنم من كفر بآياته وصد عن رسله، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا} الآية، أي ندخلهم نارا دخولا يحيط بجميع أجرامهم، وأجزائهم. ثم أخبر عن دوام عقوبتهم ونكالهم، فقال: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} قال ابن عمر: إذا أحرقت جلودهم بدلوا جلودًا بيضا أمثال القراطيس. وقال الحسن رحمه الله: تنضجهم في اليوم سبعين ألف مرة، كلما أنضجتهم فأكلت لحومهم قيل لهم: عودوا فعادوا ...... وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} هذا إخبار عن مآل السعداء في جنات عدن، التي تجري فيها الأنهار في جميع فجاجها ومحالها وأرجائها حيث شاءوا وأين أرادوا، وهم خالدون فيها أبدا، لا يحولون ولا يزولون ولا يبغون عنها حولا. وقوله: {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} أي: من الحيض والنفاس والأذى. والأخلاق الرذيلة، والصفات الناقصة ......... وقوله: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} أي: ظلا عميقا كثيرا غزيرا طيبا أنيقا ..... فعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " (٢).

فهذان الموضعان من آيات الكتاب العزيز - وأخواتهما كثيرات جداً - إعلام إلهي واضح للناس ببيان مصيرهم، وما يؤول إليه حالهم، نتيجة اختيارهم، إما الكفر، وإما الإيمان، وهي آيات داعيات، كل ذي عقل إلى النظر في اختياراته، وما يترتب عليها، والمراجعة لسائر أحواله، والمسارعة إلى التغيير من سيء المعتقدات، ورديء الأفكار والمذاهب، إلى صحيح الاعتقاد، ومرضيِّ التوجهات والتصورات، وجميل الأقوال والأفعال.


(١) - سورة النساء، آية: ٥٦ - ٥٧.
(٢) - صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة الواقعة، باب قوله " وظل ممدود "،حديث رقم ٤٥٢٩ / صحيح مسلم، كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها، باب إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام حديث رقم: ٥٠٦٠.

<<  <   >  >>