للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمصابرة أي الملازمة والاستمرار على ذلك، على الدوام، ومقاومة الأعداء في جميع الأحوال. والمرابطة: وهي لزوم المحل الذي يخاف من وصول العدو منه، وأن يراقبوا أعداءهم، ويمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم، لعلهم يفلحون .... فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر والمصابرة والمرابطة المذكورات، فلم يفلح من أفلح إلا بها، ولم يفت أحدا الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها.

ومن هذا قوله تعالى {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١)} (١) على هذا اليقين والتسليم يحيى المؤمن، لا يصيبه إلا ما كتبه الله عليه وقدره، فهو سبحانه مولاه الكريم يجلب لهم المصالح ويدفع عنهم الأضرار، ولذا تجد المؤمن في جميع أموره معتمداً على مولاه، يثق في رعايته، فلا يخيب أبداً.

ومن هذه القيم التي جاء بها الإعلام العسكري في القرآن الكريم: الإقدام والفداء والتخلص من الجبن والجزع، والضعف والخور، والثبات والصبر حين البأس، مع الإخلاص لله سبحانه. وكل هذه المعاني تضمنها قوله تعالى في الآيات الكريمة {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (١٤٧) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٢)

ومن السلوكيات المذمومة التي حذر الله منها عباده المؤمنين: التخلف عن الجهاد والرضى بمتاع الدنيا وحذرهم من مغبة ذلك ومدح سبحانه أهل الإيمان المجاهدين بالنفس والمال، وأثابهم ثواباً عظيماً قال سبحانه {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ


(١) - سورة التوبة. آية: ٥١
(٢) - سورة آل عمران. آية: ١٤٥ - ١٤٨

<<  <   >  >>