للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملمح الثاني: الثبات في الرخاء والشدة

وهذا ثمرة الإيمان الحق، فبه يوقن المؤمن أن ما أخطأه ما كان ليصيبه، وما أصابه ما كان ليخطئه، فيُسَر ويشكر في السراء، ويصبر ويرضى في الضراء.

وآيات القرآن الكريم تمثل أعظم وأقوى عوامل التثبيت لأهل الإيمان وفيها قوله تعالى عن القرآن {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (١).

ولسان حال المؤمن دائماً {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١)} (٢).

وقال الرسول الكريم عليه أتم الصلوات والتسليم في بيان فضل هذا الاستقرار والثبات النفسي (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) (٣).

وأهل الإيمان ينسبون الفضل لله عند تحقق المسرات، ومنهم سليمان عليه السلام الذي قال {يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} (٤). والقائل أيضاً فيما حكاه القرآن {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (٥).

وكما لا تجد من أهل الإيمان إلا الشكر لله في السراء، فإنهم في الضراء، لا يخرجون عن التسليم والصبر والرضا بالقضاء يقول تعالى واصفاً حالهم {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (٦).


(١) - سورة النحل آية: ١٠٢
(٢) - سورة التوبة آية: ٥١
(٣) - مسلم. كتاب الزهد والرقائق. باب: المؤمن أمره خير كله. رقم الحديث: ٢٩٩٩.
(٤) - سورة النمل آية: ١٦
(٥) - سورة النمل آية: ٤٠
(٦) - سورة البقرة آية: ١٥٦

<<  <   >  >>