للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الآيات تنبيه للغافلين، بأن الله تعالى لا يخفى عليه شيئ من أحوالهم، وما يقتضيه ذلك، من تربية للنفوس على مراقبته سبحانه، فينشأ الوازع (الضمير) ويوجه الجوارح لما يوافق محبة مولاه.

ولقد شقيت مجتمعاتٌ، ومجتمعاتٌ، بغياب الوازع، وانعدام الضمير، فلا يكادون يمتنعون عن المخالفات، مالم يكن هناك رادع من قانون، أو سلطة تجبر على الالتزام بتوجهات المجتمع، فإذا غابت هذه الوسائل، رتع الذئب في الغنم، وعَبَّ كلٌ بما يقدر عليه، بلا وازع أو حرج، وأما من تربى على هذه الآيات، واستحضرها في حركاته وسكناته، فهو المستقيم دوماً، وإن غابت قوانين وسلطات الأرض، فإنه يبقى ممتنعاً لحق سلطان الرب جلَّ جلاله.

السنن الإلهية، في إهلاك الظالمين، وعقابهم

يقول الله تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} (١)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} (٢)

ويقول الله تعالى {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} (٣)

تشتمل الآيات على الإعلام بمصير الأمم الكافرة، الظالمة، وأسباب إهلاكها، من معاداة الله ورسله، وتكذيبهم لدعوات الرسل، وإسرافهم على أنفسهم بارتكاب كل منكر وزور


(١) - سورة التوبة. آية: ٦٣
(٢) - سورة الأنعام. آية: ٢٩
(٣) - سورة إبراهيم. آية: ٩

<<  <   >  >>