إلَّا قلة من الموالين للجماعة وبحضور الرهبان .. مما دفع الكثير للاستفسار عن طبيعة مرضه وعن كل تلك الحراسة والقيود والَّتِي فسرت لهم على أنها من اجراءات الحماية اللازمة للبابا خاصة بعد الأحداث المروعة الَّتِي تعرض لها .. ولم تكن تلك التفسيرات مقنعة للكثير من رعاياه وخاصة أن اجراءات الحراسة لم تكن من قبل سلطات أمنية ولا قانونيه .. كما أنه المفترض أن تلك الإجراءات المشددة من قبل الرهبان لا تفي بغرض الحماية حيث أن أغلب القائمين بها من الرهبان ورجال الدين المعروفين للكثير .. والمفترض أن تلك الطبقة الكهنوتية غير مسلحة فكيف لها أن تقوم بدور أمني لحماية البابا ..
ومرت الأيام بطيئة وليالى طويلة حالكة الظلمة لأسوأ الفترات التاريخية الَّتِي مرت بها الكنيسة القبطية وأكثرها غموضا .. البابا في عزلته الاجبارية .. تحت حراسة أعدائه .. لا يعلم ما يدور بأذهانهم ونواياهم .. وفي غياب اجراءات أمنية من قبل السلطة تؤمن له سلامته وتحميه من بطش هؤلاء المجرمين به .. لم تكن العزلة ولا الوحدة بالشيء الجديد عليه فلقد اعتاد عليها في حياة الرهبانية ولكن ليست تحت تلك الظروف المستجدة والغريبة .. وسط بكاء رعاياه المشفقين عليه من أحداث مجهولة المعالم لا يستطيعون فهمها ولا تتبع مجراها .. التعتيم على الحقائق سمة لها .. حتَّى فقدوا التمييز بين رجاله والمنشقين عليه .. الإشاعات تملأ الكنائس وتتضارب التفسيرات والانقسامات .. والأنبا على حاله متماسك رافض لأجراءات عزلة الظالمة الباطلة متهما أعدائة بالقسوة والعدوان .. ورافضا لعودته كرمز للكنيسة تاركا لهم شئون إدارتها بأفكارهم وأهدافهم المدمرة الهدامة والمخالفة لجوهر المسيحية والمرتدة عن قوانين الكنيسة .. غير مبالى بتهديدات ولا إغراءات .. آملا أن تفتضح نواياهم وتهدم جماعتهم في أوج مجدها ... ولا يزال بصحة جسمانية ونفسية جيدة لم ينل منها أعدائه الذين كانوا يأملون في تدهور حالته للتخلص منه سريعا .. وخابت ظنونهم ..
وظلت الأحوال كما هي عليها .. البابا في منفاه الأجبارى بالمستشفى القبطي .. والكنيسة على حالها خاوية من أكبر رموزها الدينية تدار بتلك اللجنة الكنائسية .. وكرسي البطريركية خاليا في المقر البابوي ينتظر عودة صاحبة أو تنصيب من يعتليه .. ورعايا أقباط كاليتامى يأملون عودة أبيهم .. وقيادات الأمة القبطية مشلولة الفكر تبحث عن حيلة لتحريك الأوضاع لتغيير الأحوال .. والأمور على ما هي عليه لا جديد .. ما زالت الكنيسة منقسمة برهبانها وكهنتها وجميع رموزها الكنائسية من رجال الدين .. والأوضاع تسير للأسوأ .. ونذير شؤم لجماعة الأمة القبطية يحيطها من كل الاتجاهات ويهددها بانتكاسة لخطواتها للوراء وخسائر لنجاحاتها إذا استمرت الأمور دون حراك .. والكل بالكنيسة يترقب حدوث تحريك للأحداث ..