بدأت أنظار العاملين بالمستشفى القبطي من الأقباط النصارى الأرثوذكس تغتنم الفرصة للأطلاع على أحوال البابا وتفقد أحواله .. ويؤكد كبار السن المعاصرين لتلك الفترة أن الكثير من الأطباء وهيئة التمريض الَّتِي سنحت لهم الفرصة لرؤيته يؤكدون على أن أحواله الصحية كانت جيدة لا تستدعي كل تلك الفترة من الإقامة .. وأن نظراته كانت بها كثير من الحزن والألم والعتاب وإحساس كبير بالظلم حتَّى أن بعضهم طالب بعودته إلى مقره البابوي .. وأن السكوت على أمرة قد يصيبهم باللعنات ... مؤكدين أن حالته لا تتطلب إقامة بالمستشفى ويمكن تقديم الخدمات العلاجية له بمحل إقامته بالمقر البابوي إذا تطلب الأمر .. ورفض هذا الطلب من قبل القائمين عليه من رجال الدين .. ومارست إدارة المستشفى الضغوط على بعض الاطباء الشباب بالكف عن تلك المطالب وترك الأنبا لقيادات الكنيسة الحاليه حيث مكانته الدينية تحتاج لتلك الرعاية الكهنوتية الَّتِي تعمل لصالحه وأمنه .. ورغم أن تلك المبررات لم تكن بالكافية ولا المفهومة ولكن احتراما من الأقباط النصارى لقيادات الكنيسة أظهروا الطاعة والولاء للكنيسة وقياداتها تجنبا لحدوث مزيدا من الاضطرابات والانقسامات داخلها والَّتِي هي بغني عنها في تلك الأوقات العصيبة ..
ولم يكن لجماعة الأمة القبطية بعد مرور عدة شهور قليلة أن تقبل باستمرار هذا الوضع دون أن تضع له حد ونهاية .. لابد للأمور أن تتحرك وتتبدل الأحوال والسكوت على تلك الأوضاع سوف يزيد القيل والقال والشائعات الَّتِي قد تزيد أحوال الكنيسة سوءا .. كما أن الأطماع والمنازعات بدأت تظهر بقوة بين أعضاء اللجنة الكنائسية المشكلة .. وخاصة بين من هم منتمون للجماعة وبين رجال الحرس القديم من أتباع الأنبا يوساب والذي يلقى الدعم من أبناء الكنيسة ورعاياها الأقباط النصارى ..
ودون مقدمات لأي تدهور في صحة البابا يوساب الثاني .. فوجىء العاملين بإعلان وفاته وسط ذهول الجميع .. ماذا حدث وكيف .. وتناثرت الأقاويل والشائعات تؤكد مقتله بالتصفية الجسدية مقتولا أو مسموما .. وأن المرافقين له حرصوا على إبعاد الجميع عن رؤيته في بداية الأمر معللين ذلك بإقامة مراسم وصلوات خاصة بمكانته الدينية استعدادا لنقله لمقره البابوي لإلقاء النظرة الأخيرة عليه من قبل رعاياه والمحبين له .. بينما أكد بعض الذين أختلسوا النظرة الأولى بالمستشفى على أنه كان أشبه بالمخدر (ببنج كلى) وأن مظهره ليس على حالة الموتى ولا حرارة جسده حتَّى بعد انقضاء الساعات الأولى من وفاته ويصرون على أنها كانت أشبه بحالة غيبوبة وفقدان وعي بفعل فاعل .. بل وأكد البعض أن المرافقين له والذين توافدوا حرصوا على أن يحيطوه بعيدا عن الأنظار .. وأن نظراتهم كانت خالية من أي ورع أو مفاجئة أو حتَّى فزع .. وكانت أحزانهم تبدوا مفتعلة بمشاعر أقرب للقسوة لا تليق برجال دين فقدوا رمز محبتهم ..