وهو آخر من تسمّى منهم بقرطبة بالخلافة، وقام عليه جهور بن محمّد، رجل من وزرائه؛ فخلعه، وتملّك البلد، واستحكم فساد الأندلس، ويئس من اجتماع كلمة أهلها. ولأخويهما الحكم المكفوف وعبد الله ابنى محمّد عقب كثير.
وأمّا سليمان بن الناصر، فعقبه كثير جدّا، قد دخلوا في غمار العامّة؛ ومنهم كان هشام بن سليمان بن الناصر، القائم على المهدىّ سنة ٣٩٩. فمن ذلك اليوم.
سلّ سيف الفتنة، ولم يغمد إلى يومنا هذا! نسأل الله كفاية المسلمين، ودفع البلاء عنهم! ومنهم كان سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر المسمّى بالخلافة، المتلقب بالمستعين، وكان شاعرا، يضرب بالطّنبور في حداثته؛ وهو الذي كان شؤم الأندلس وشؤم قومه؛ وهو الذي سلّط جنده من البرابرة، فأخلوا مدينة الزّهرآء وجمهور قرطبة حاشا المدينة، وطرفا من الجانب الشرقىّ، وأخلوا ما حوالى قرطبة من القرى والمنازل والمدن، وأفنوا أهلها بالقتل والسبى، وهو لا ينكر ولا يغيّر [عليهم شيئا]. وعليه قام علىّ بن حمود الحسنى؛ فأسلم إليه برمّته؛ فضرب عنقه صبرا. وانقطع أمر بنى مروان بالأندلس حاشا من قام منهم بعد ذلك ممّن لم يفش لهم أمر، وقد ذكرناهم. وكان لسليمان المستعين ابن قد ولاّه عهده، اسمه محمّد، نظير أبيه في الإهمال، والرضا بفساد البلاد، فرّ بعد قتل أبيه إلى منذر بن يحيى التجيبى صاحب سرقسطة والثّغر، طامعا في أن ينصره لميل أبيه إليه وامت حجابه إيّاه؛ فغدر به التجيبىّ المذكور وقتله صبرا. وكان لمحمّد هذا ابن اسمه على. وقد انقرض عقب محمّد بن سليمان. وبقى لابنه سليمان المستعين ثلاثة ذكور: معاوية، ومسلمة، والوليد، بنو سليمان المستعين. ومن بنى سليمان بن الناصر: يزيد بن محمّد بن هشام بن سليمان بن الناصر، لحق بأرض النصارى وارتدّ-ونعوذ بالله تعالى من درك البلاء ونسأله الهداية لنا وله! ثمّ رجع وأسلم، ثمّ رجع إلى أرض الإسلام.
وأمّا عبد الله بن الناصر، فكان شاعرا، فقيها على مذهب الشافعىّ، اتّصل بأبيه عنه أنه ينكر عليه سوء سيرته وجوره؛ فقتله لذلك. وكان لعبد الله هذا ابن اسمه الزّبير، له عقب باق.