الاستثناء لجواز أعمية المؤمن واستقامة استثناء المسلم فإن قلت أعميته وإن صحت لجواز كون المصدق فاسقا لكن قوله تعالى لم تؤمنوا الآية ينافيها قلت نعم لولا إرادة المعنيين اللغويين وهو مم وربما يجاب بأن السياقة لا تدل على الاستثناء لجوازان يقال أخرجت النصارى فما وجدت غير بيت من اليهود وبأن المسثنى منه بيت وبأنه لا يلزم من كون المؤمن مسلماً كون الإيمان إسلاماً ويضمحل الجميع بأنه إن أريد بالبيت المستثنى أهله لبيانه بالمسلمين فكذا بالبيت المقدر والمستثنى منه أهله للمجانسة وهم المومنون لسياقه فالمعنى ما وجدنا فيها أهل بيت هم المؤمنون إلا أهل بيت هم المسلمون فيكونان متحدين وإلا يوجد في المؤمنين غير المسلمين وهو خلاف النص وإذا سلم اتحاد المفهوم بينهما يلزم الخاه بين الإيمان والإِسلام وأجاب الإِمام أيضاً بأن ذلك للواحد المذكر البعيد فلا يصرف إلى الأمور كالواجبات ولا إلى المؤنث كإقامة الصلاة ولا إلى القريب كأبناء الزكاة فإن صرفتم إلى المأمور به لقوله تعالى وما أمر وأصرفنا إلى الدين المخلص لقوله تعالى مخلصين له الدين ويرد عليه أنه إن لم يصرف إلى المجموع باعتبار أجزائه المتعددة فيجوز من حيث هو غير انه من حيث هو يعد قريباً فلا يشار إليه بذلك بل يصرف إلى أن يعبدوا فإن لفظه مذكر ومعناه مصدر مضاف للعموم في معنى عباداتهم فعطف يقيموا ويؤتوا كعطف الروح على الملائكة فالمعنى جميع العبادات الواجبات دين الملة المستقيمة فبذلك يسقط الطعن أيضاً بأن مذهبكم أن الدين فعل الواجبات بأسرها والمذكور ها هنا بعضها.
٣ - لوكان الإيمان التصديق لكان قاطع الطريق المصدق مؤمناً وليس لأنه يخزي حيث يدخل النار بقوله ولهم عذاب عظيم وهو دخول النار بالإجماع ومن يدخلها فقد يخزي لقوله تعالى ومن تدخل النار فقد أخزيته لا يقال هو حكايته كلام الأبرار ولا يمتنع الكذب عليهم لأنه في معرض التصديق عرفا والمؤمن لا يخزى لقوله تعالى:{يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}(التحريم: من الآية ٨)، وجوابه أن المراد الصحابة بدليل معه وهم بُرءاء من قطع الطريق لأنهم عدول، ولذا يقبل مراسيلهم إجماعًا وبعد تسليم العموم استيناف لا عطف قيل فلا فائدة في الإخبار بعدم إخزاء النبي ومن معه فإن لمثله فوائد مع أن عند الأشاعرة لا علم إلا من السمع.
[فروع ثلاثة على النقل]
١ - أن النقل خلاف الأصل للاستصحاب ولتوقفه على وضع ثان وهجر الأول.
٢ - من الأسماء الشرعية متواطئة كالصوم والزكاة ومشتركة كالصلاة بين ذات الأركان