وفيه إضافة الحكم على سببه فإنه بيان يقع للضرورة وأقسامه أربعة:
١ - ما هو في حكم المنطوق للزومه منه عرفا كالآية {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}[النساء: ١١] لأن بيان نصيب أحد الشريكين بيان لنصيب الآخر.
ومنه بيان نصيب المضارب فقط في المضاربة وهذا عكسه استحسانًا لهذا لا قياسا لأن المحتاج إلى البيان نصيب المضارب وإلا فكل الربح نماء ملك رب المال وغير لازم لاحتمال أن يشترط بعض الباقي لعامل آخر ومثله المزارعة قياسًا واستحسانًا وعليه من أوصى لزيد وسعد بألف أو بالثك فقال لزيد منه أربعمائة.
٢ - ما بينه حال الساكت القادر كسكوت النبي عليه السلام عن تغيير ما يعاينه من قول أوفعل من مسلم حتى لو سكت عما سبق نهيه كان نسخا لا استغناء عنه بما سبق كما وهم لأن تقريره على منكر وإلا لما صدق مدحهم بقوله:{وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}
[آل عمران: ١٠٤] إذ المراد عن كل منكر أما ما يعاينه من كافر كشرب الخمر والذهاب إلى كنيسة فسكوته لا يدل على جوازه وهذا سكوت الصحابة رضي الله عنهم عندنا كسكوتهم في خلافة عمر رضي الله عنه عن تقويم منفعة البدن في ولد المغرور بعد تقويم البدن فدل أن المنافع لا تضمن بالإتلاف المجرد عن العقد وشبهته بدلالة حالهم أن البيان كان واجبا عليهم يطلب صاحب الحادثة حكمها وهو رجل من بني عذرة تزوج أمة آبقة مغررا وولدت فاستحت وكانت أول حادثة لم يسمعوا فيها نصا بعده عليه السلام.
ومنه سكوت البكر في النكاح بدلالة حال الحياء والناكل عن اليمين بيان لوجوب المنال عند الإمامين بدلالة حال امتناعه عن اليمين الواجبة والإمام الأعظم رضي الله عنه لم يجعله إقرار لاحتمال الاحتراز عن نفس اليمين والاقتداء عنها اقتداء بالصحابة إذْ صلاح حاله لليمين ونسبته إلى الكذب ومنه دعوة المولى أكبر أولاد أمة ولدتهم في بطون بيان لنفى نسب الأخيرين بدلالة حال لزوم الإقرار عليه لو كانوا منه والسكوت عن البيان بعد تحقق الوجوب بيان المنفى.
٣ - ما بينه ضرورة دفع الغرور كسكوت من يرى عبده يعامل كان إذنا لأن الناس يستدلون به على إذنه فيعاملونه فكان إضرار وسكوت الشفيع عن طلبها كان إسقاطا لضرورة دفع الغرور والضر رضي الله عنه عن المشترى وليس مندرجا في القسم الثاني كما ظن لأنه سكوت مع امتناعه شرعا لولا الرضا أو مع وجوبه عرفًا عند الرضا وليس ما نحن فيه بشيء منهما كيف وربما يكون المولى لفرط الغيظ أو لأن يتأمل في صلاحيته