قد مر أنه تعليقي جعلي أو حقيقي شرعي أو وضعي أي عقلي على منع الخلو والثاني كالطهارة للصلاة والحياة للعلم، والأول قد يسمى لغويا هو ما دخله أداة الشرط حقيقة أو دلالة سواء كان مما يتوقف عليه وجود الجزاء فقط نحو إن جاء غد فأنت طالق أو مقتضيا له جعلا نحو إن كلمت فلانا فأنت طالق حيث جعل التكلم مقتضيا له أو وضعا نحو: إن طلعت الشمس فالبيت مضيء وقد يدخل على شرط شبيه بالعلة من حيث استتباعه للوجود وهو ما لا يبقى للمعلول أمر يتوقف عليه سواه فمن شأنه أن يخرج ما لولاه لدخل إذ لو لم يدخل لولاه لتوقف على أمر آخر نحو أكرم بني تميم أو عبيدي أحرار إن دخلوا يخرج غير الداخلين عن وجوب الإكرام والعتق، وبهذا عد بيانا وتخصيصا كذا.
قيل: والحق أنه يخرج أما ما لولاه لدخل كما في ذلك أو ما لولاه لاحتمل الدخول أي على تقدير تحقق غيره مما يتوقف عليه وإن لم يكن الآن إذ كل منهما إخراج الداخل على التقدير وهذا المقدار متفق عليه غير أن إخراجه في حق تأخير انعقاد الجزاء علة إلى وقت وجود الشرط عندنا لأن الإيجاب لا يثبت إلا في محله ولا يوجد إلا بركنه لا كبيع الحر وشطره والشرط حال بينه وبين المحل لأن أثره في المعلق بالذات وهو الاعتاق مثلا لا حكمه ونأخره أثر الأثر ولذا لا يحنث بالتعليق من حلف لا يعتق قبل وجود الشرط اتفاقا بخلاف الإضافة لأنها إيجاب في الحال والتقييد لتعيين زمان وقوعه واللازم يحقق إفضاءه ولذا جاز التعجيل في علي أن أتصدق بدرهم غدًا لا في إذا جاء غد فعلي ذلك وعند الشافعي رضي الله عنه في تأخير حكم العلة المنعقدة فبناه أن المعلق عندنا التطليق مثلا وعنده وقوع الطلاق والحق لنا لأن مجموع الجملة تطليق والوقوع أثره لأن المعتبر عنده مجرد المشروط الموجب للحكم على كل التقادير والتعليق خصصه بتقدير معين فاعدم غيره وعندنا مجموع الشرط والجزاء فهو إيجاب على تقدير ساكت عن غيره ومجرد المشروط كانت من أنت طالق فلا ينعقد عليه ففيه بحث من وجوه:
١ - أنا لا نعلم إيجاب المشروط على كل تقدير لأن الكلام يتم بآخره والإيجاب لولا عدم الشرط لا يكون إيجابا فلا يتم التقرير فلا يترتب الإعدام كيف وهل النزاع إلا في أن التقييد لا يكون إعدامًا.
٢ - إن أريد بمجرد المشروط نفس الطلاق فليس جزاء بل بعضه وإن أريد التطليق له لا لجزئه.
٣ - أن اعتبار المجموع خلاف اعتبار العربية ولا شك أن الأصول الفقهية مقتبسة منه