وإن الحكمة في منعه والحكمة في حد الزنا والسرقتين الصغرى والكبرى حفظ النسب والمال وهذه الأربعة أعني النفس والعقل والنسب والمال مع الدين الذي شرع الجهاد وقتل الردة لحفظه تسمى الخمسة الضرورية لحفظها في كل دين وإنما لم يعد حفظ العرض الذي شرع له حد القذف منها إدراجا له في حفظ النسب لأن ضرره عائد إليه وعلماؤنا عدوا الجهاد في العبادات وعبروا عن المزاجر الخمسة بمزجرة قتل النفس وسلب العقل وهتك الستر وأخذ المال وخلع البيضة كالقتل مع الردة فجعلوا هتك الستر شاملا للزنا والقذف.
وفي الكفارات الجمع بين الثواب الساتر والعقاب الزاجر حفظا للنفس أو الدين.
وفي الضمانات صيانة عصمتهم نفسا وما لا ليتفرغوا لإقامة التكاليف فإن المسلم له عصمة مؤتمة بالإِسلام ومقومة بداره وهذا لماله بالحديث وإذ لا يقصد المال إلا لبقاء النفس فالنفس أولى أن لا يهدر فإن أمكن القصاص فيها لأنه المثل صورة ومعنى والأوجب الدية والأرض لأن الوارث كان ينتفع بمورثه وهذا المال خلفه في تقضية حاجاته به وليس من الحكمة القصاص في الخطأ أما كفارته بالإعتاق فإحياء نفس مؤمنة مقام إفنائها تكفيرا لظلمة على حق الله تعالى وإذا عجز عنه فبإماتة نفس هي عدوة لله تعالى بالصيامات المتتابعة في فداء نفس مؤمنة هي حبيب الله تعالى ولذا لا يجري إلا طعام فيها لشدة قبح الجناية بخلاف الكفارات الأُخر تغليظا عليه.
[الفصل السابع: في غير الأدلة الأربعة]
مما يتمسك به منها صحيحة لعودها إليها ومنها فاسدة ففيه قسمان
الأول في الصحيحة.
وفيه مباحث:
الأول: في شرع من قبلنا.
قيل لا يلزمنا إلا بدليل فأولا لقوله تعالى:{لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}[المائدة: ٤٨]، فيكون كل أمة مختصة بشرع جاء به نبيهم.
وثانيا: لأن الأصل خصوص الشريعة زمانًا إلا الدليل إذ لا حاجة إلى بيان المبين كما هو الأصل مكانًا إلا لدليل كما في رسولين بعثا في زمان واحد في مكانين لم يثبت تبعية أحدهما للآخر كشعيب عليه السلام لأهل مدين وموسى عليه السلام لبنى إسرائيل بخلاف لوط لإبراهيم عليه السلام لقوله تعالى: {فآَمَنَ لَهُ لُوطٌ}[العنكبوت: ٢٦] وهارون لموسى عليه السلام بل كل الأنبياء قبل نبينا عليه السلام بعثوا إلى قوم مخصوصين وهو