الأولى: في تعريف التخصيص هو لغة: تمييز بعض الجملة بحكم واصطلاحا قصر العام على بعض جزيئاته مطلقا عند الشافعية وبدليل مستقل متصل عندنا لأنه إن كان بغير مستقل أي بكلام يتعلق بصدره وهو خمسة: الاستثناء والشرط والصفة والغاية والبدل فليس تخصيصا بل بيان تغيير أو تفسير أو تقرير لأن الحكم لا يتم إلا بآخر الكلام وما لم يتم لا يحكم باستيفاء مقتضياته عمومًا وخصوصا في حقه إن كان بالمستقبل فإن لم يتصل فهو نسخ وبيان تبديل لأن حكمه قد تقرر والرفع بعد التقرر نسخ قالوا لا قصر ثمة لإدارة المجموع قلنا لا يلزم من انتفاء القصر من حيث الذات وهو أن لا يراد بعض جزيئاته ابتداء انتفاؤه مطلقا لجواز تحققه من حيث الحكم وهو إخراج البعض بعد إرادة الكل فإن جزيئاته بعد النسخ جزيئاته ولا يتناولها الحكم فإن كان النسخ رفعا فكما في الاستثناء وإن كان بيانا لأمد الحكم فكما في الغاية غير أنه مستقل وإن اتصل فهو تخصيص ومخصصه أما العقل نحو {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الأنعام: ١٠٢]، خص منه ذاته تعالى ومنه تخصيص الصبي والمجنون من خطابات الشرع وأما الحس نحو {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ}[الذاريات: ٤٢]، الآية خص منه الجبال ومنه {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}[النمل: ٢٣]، بيانًا كان أو تبعيضًا إذ لم يعط كل شيء وأما العادة كمن حلف لا يأكل رأسا وأما نقصان بعض الأفراد كالمكاتب في كل مملوك في حر وإما زيادته كنحو العنب من الفاكهة ولا يتصور أن إلا في المشكك وعلى تعريف الشافعية نقوض نحو على عشرة إلا ثلاثة وضربت زيدا رأسه وأكرم الرجال إلا الجهال والعالم واحد فإن التخصيص فيها على الأجزاء.
وأجيب بأن لا تخصيص في الأوليين إذ لا عام وكذا في الثالث لأن الجمع معهود أو مجاز عن الجنس فالمراد جزيئات المفرد على أن في جوازه ترددا كما سيجيء وعرفه أبو الحسين بإخراج بعض ما تناوله الخطاب عنه وفيه شبه:
١ - أنه يتناول النسخ إلا أن يريد تخصيصا يطلق على ما يتناوله.
٢ - أن الإخراج وتناول الخطاب متنافيان المخرج غير متناول فكيف يجتمعان وفي الجواب عنه بأن المراد ما تناوله على تقدير عدم المخصص كقولهم عام مخصص أي لولا تخصيصه تعريف الشيء بنفسه والإضمار في الحدود ولا نعلم أن المخصص ليس بعام حيث جاز التمسك بعمومه في الأصح ووجه بأن المراد ما يتناوله في الجملة لا إضمار القيد وهو فاسد لأن المراد بالخطاب هو المشخص وإلا لفسد من وجوه شتى