للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقام الثالث في حكم النهى الذي يقابله]

وفيه مباحث:

الأول: إنه لغة المنع ومنه الناهية للعقل (١) واصطلاحًا اقتضاء كف صيغي عن فعل استعلاء (٢) فلا يرد كف عن الزنا منعا كما مر أو لأنه تحريم للفعل وإن كان إيجابا للكف فهو أمر ونهى بالاعتبارين وهذا لا يصح جواب في الأمر إذ يبقى قوله غير كف زائدًا وألا نسب أنه اللفظ الدال عليه واعتبر به كلا من مقابلات المزيفات السبعة مع اعتراضاته والخلاف في أن لمراده صيغة تخصه ولا يستعمل في غيره وهو الخطر لا الكراهة وبالعكس أو مشتركة لفظا بينهما فقط إذ لا قائل به فيما وراءهما وللمشترك معنى بينهما فقط وهو طلب الكف استعلاء أو للوقف بمعنى لا أدري كما في الأمر.

وفي التقويم لا وقف ها هنا وإلا لصار موجب الأمر واحدا ولا سبيل إليه وقد سلف تحقيقه ويخالفه في أنها للتكرار والدوام فينسحب حكمها على جميع الأزمان لأنه عدم ويلزمه الفور فيجب الانتهاء في الحال وفي أن تقدم الوجوب الكائن مثله قرينة على أنه للإباحة في الأمر عند البعض ليس كذا هنا فإن الأستاذ نقل إجماع القائلين بالحظر على أنه له بعده أيضًا وأن توقف الإِمام لقيام الاحتمال.

الثاني: أنه يقتضي القبح ضرورة حكمة الناهي فهو مدلوله لا موجبة خلافا للأشعري كما مر ثم مطلقة عن دليل العينية أو الغيرية أن كان عن الحسيات وهي ما لا يتوقف تحققه على ورود الشرع كالقتل وشرب الخمر والزنا وعلامته صحة الإطلاق اللغوي عليه على أنه حقيقة يقتضي القبح لعينه إلا دليل نحو {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢]، فإن النهي للأذى ولذا يثبت به الحل للزوج الأول والنهيب وتكميل المهر وإحصان الرجم ولا يبطل به إحصان القذف وإن كان عن الشرعيات كالصلاة والبيع والنكاح والإجارة ونحوها مما زيد في حقيقته أشياء شرعا كانت غير معتبرة لغة، فالقبح لغيره عندنا فيفيد الشرعية أصلًا والقبح وصفا لكن مع رعاية إطلاقه في إفادة التحريم وحقيقته في بابه على اختيار العبد إلا لدليل يقتضي العينية كنكاح منكوحات الآباء وبيع الملاقيح هي ما في أرحام الأمهات والمضامين هي ما في أصلاب الآباء وعكسه للشافعي - رحمه الله - واجبا ومحتملا فجعله دالا على بطلان نفس المنهي عنه فقيل شرعًا وقيل


(١) انظر القاموس المحيط للفيروز آبادي (٤/ ٣٩٨).
(٢) انظر فواتح الرحموت شرح مسلم (١/ ٣٩٥)، إرشاد الفحول للشوكاني (١/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>