لغةً، وقال أبو حسين البصري يدل عليه في العبادات دون المعاملات فتنافي الأجزاء وهو موافقة الأمر أو سقوط القضاء لا السببية وهي استتباع المعاملة أثرها فإن مقابله وهو الصحة يستعمل في الأمرين وقيل لا يدل إلا على فساد الوصف ولا على صحة الأصل فهذه خمسة مذاهب.
لنا أولًا أن النهى للانتهاء بالاختيار فيعتمد إمكانه وتصور صدوره من العبد ليثاب بالإحجام ويعاقب بالإقدام ولما لا أصل له حسًّا وشرعًا فهو ممتنع كالمنسوخ فلا يتعلق النهي به كف وامتناع مثله بناءً على عدمه وعدم المنهي عنه بناء على الامتناع ولذا لا يثاب على الأول كمن لا يشرب الخمر لأنه لا يجده فهما في طرفي نقيض لأي مما يتنافيان فلو ثبت القبح الذاتي مقتضى له كان المقتضي مبطلا لمقتضيه ومخرجا له عن حقيقته إلى النسخ وفي أبطاله أبطال نفسه فيتناقض، ومحصله توجيهان:
١ - أن المنهي عنه إذا لم يكن صحيحا بأصله لم يكن شرعيا ومعتبرا شرعا لكن المنهي هو الصوم والصلاة الشرعيان لا الإمساك والدعاء أو نقول وكل ما لم يكن شرعيا كان ممتنعا ومنسوخا فلا يكون منهيا لاختلافهما حدا وحقيقة وخاصة وحكما، ورد بأنه أنما لا يتصور ويكون ممتنعا لا شرعيا لو أريد بالشرعي المعتبر شرعا أما أريد ما يسمد الشرع بذلك وهو الصورة المعينة أي المشتملة على الأركان صحت أم لا، أي اشتملت على الشرائط أيضًا أم لا وذلك هو الحق وإلا لزم دخول شرائط الشيء فيه إذ بها اعتباره فيتصور ولذا يقال صلاة صحيحة وفاسدة وقال عليه السلام، دعي الصلاة أيام أقرائك.
٢ - أنه إذا لم يكن صحيحا لم يكن شرعيا بل كان ممتعا فلم يتعلق الابتلاء بالنهي عنه لعدم تصور الإقدام والإحجام بالاختيار وإلا كان النهي نسخًا وليس كذلك إجماعًا وربما يوضح الملازمة الثانية بأن منع الممتنع لا يفيد، ورد بأنه إن أريد بالشرعي المسمي بذلك فالملازمة الأولى ممنوعة لأنه ليس ممتنعا وإن أريد المعتبر شرعا فالثانية لأن امتناعه علم بهذا النهي ومنع الممتنع بهذا المنع مفيد كتحصيل الحاصل هذا التحصيل.
والجواب عن الأول أن الكلام في النهي عن الشرعي فأن كان مجرد الصورة كان هو المعتبر في الثواب باجتنابه، والعقاب بارتكابه وليس الصورة بدون الشرائط كصورة الصلاة بدون النية والاستقبال وغيرهما والبيع بدون المال عبث وذلك لأن مفسدة النهي في الإتيان بالمجموع لا بمجرد الصورة وإلا لكان كل واحدكل لحظة مثابا بترك صور المناهي اللامتناهية وإن لم تنعقد أسبابها وشرائطها التي لم تخطر بالبال شيء منها وليس كذلك إجماعًا ولا يلزم الإثم بالسجدة بدون الطهارة لأنها حسية لا شرعية وتسمية الباطلة