٣ - أن المانع للسبب بقسيمة ليس من تخصيص العلة في شيء فوجود متفق عليه في العلل المنصوصة والمستنبطة إما المانع للحكم فالمختار عدمه فيهما وفيه خمسة مذاهب أخرى سنفصلها إن شاء الله تعالى.
[القسم الثالث في المحكوم فيه]
وهو فعل المكلف وفيه مباحث:
الأول: شرط المطلوب الإمكان فلا يجوز تكليف ما لا يطاق عند المحققين وهو مذهب الغزالي رحمه الله تعالى، والمعتزلة خلافا للشيخ الأشعري وجماعة فمنهم من جوز وقوعه أيضًا وتحريره أن المحال يطلق على ثلاثة:
١ - الممتنع بالذات كإعدام القديم وقلب الحقائق والحق أنه لا تكليف به اتفاقا.
٢ - الممتنع بالغير كالمفقود لازمه أو شرطه العقلي ويكلف به اتفاقا.
٣ - الممتنع العادي وهو ما لا يتعلق به القدرة الكاسبة للعبدة عادة وهو المبحث.
وقيل: القسم الثاني أيضًا من محل النزاع وهو المناسب لأدلة الخصم وقبل الأول هو المناسب لأدلتنا وأجوبتنا.
لنا: العقل والنقل: أما الأول: فلأن استدعاء حصول المستحيل لا يليق من الحكيم وإن جاز فليس مبنيًا على وجوب رعاية الأصلح على الله تعالى وامتناع إسناد ما هو قبيح في علمنا كما عند المعتزلة بل لأنه لا يناسب حكمته وهذا يمنع الوقوع فقط كذا ظن.
وأقول: بل والجواز لأن الوجوب بمقتضى الحكمة والوعد والفضل لا يمنعه كما أن الإيجاب يتخلل الاختيار لا يمنعه. وقيل: ولا يجوز مطلقًا لتوقفه على تصور حصوله مثبتًا في الخارج فإذا انتفى والفرق بينهما تجويز الحسن والقبيح العقلين في الجملة عندنا وإن لم يكن موجبًا فإنه إما مدرك أو عاجز لا مناف مقنض لنقيض حكم الله تعالى لأن العقل من حججه التي لا تتناقض والممتنع في المستحيل ليس مطلق تصوره بل تصوره مثبتًا ولا مطلقًا بل في الخارج لأنه المستحيل إذ هو تصور الأمر على خلاف حقيقة كأربعة ليست بزوج.
وأما النقل فقوله تعالى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}(البقرة: من الآية ٢٨٦){وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}(الحج: من الآية ٧٨) ونحوهما وكل ما أخبر الله تعالى بعدم وقوعه يستحيل وقوعه وإلا أمكن كذبه وإمكان المحال محال فهذ إليس دليلًا على عدم الوقوع فقط كما ظن، نعم كل دليل على عدم الجواز دليل عليه كما أن دليل الوقوع دليل الجواز قالوا في الجواز فقط أفعاله غير معللة بالأغراض حتى يمتنع عند عدمها