وأما خبر الفاسق في الديانات فالأصل الاحتياط فيه بضم التحري فإذا أخبر بنجاسة الماء إذا وقع صدقه في القلب تيمم قبل الإراقة والأحوط بعدها بخلاف الكافر والصبي والمعتوه حيث يتوضأ وإن وقع في قبله صدقهم مع أن الاحتياط بالتيمم بعد الإراقة أفضل وكذلك يجب أن يكون رواية الحديث أي لا يعمل بها وجوبًا لكن يستحب العمل إن كان الاحتياط فيه وقيل معناه أن الاستحباب حينئذ في العمل بقول الفاسق فوقه بقولهم (فالحاصل أن خبر الفاسق في الرواية هدر لرجحان كذبه ولا ضرورة إذ في عدول الرواة كثرة وفي نحو الحال والحرمة محكم الرأي لتعسر الحصول من العدول لخصوصه لكن لا مكان العمل بالأصل لم يكن ضرورته لازمة بخلاف خبره في الوكالات والهدايا ونحوهما مما لا إلزام فيه فثمة ضرورة لازمة في وجدان العدول فيقبل من كل مميز عدلا كان أو لا وصبيًا أو بالغًا مسلمًا أو كافرًا ولأن في نحو الحل والحرمة معنى الإلزام من وجه كما سيجىء بخلاف المعاملات.
ثم خبر المستور في كتاب الاستحسان مثل الفاسق في الديانات وفي رواية الحسن مثل العدل بناء على القضاء بظاهر العدالة والصحيح الأول لغلبة الفسق في هذا الزمان وما كان شرطا لا يكتفي بوجوده ظاهرًا كما إذا قال لعبده إن لم تدخل الدار اليوم فأنت حر فمضى اليوم وقال العبد لم أدخل فالقول للمولى.
وليس في دعم قبول رواية الحديث بعد القرون الثلاثة هذا الخلاف احتياطًا في الرواية ونص شمس الأئمة عليه فيها وخبر صاحب الهوى مر حكمه والكافر علم ضمنًا والله أعلم.
[الفصل الرابع: في محل الخبر]
وهو الحادثة وهي إما حقوق الله تعالى فإما أن لا تندرئ بالشبهات نحو العبادة خالصة مقصودة كانت أو لا كالوضوء والأضحية وغالبة على العقوبة كما خلا كفارة الفطر من الكفارات أو على المؤنة كصدقة الفطر أو مغلوبة عنها كالعشر ومنه الحق القائم بنفسه كالخصر وإما أن تندرئ بها كالعقوبة خالصة وقاصرة وتابعة للمؤنة كالخراج وغالبة على العبادة ككفارة الفطر أو حقوق العباد.
فإما ما فيه الزام أو ليس فيه من كل وجه أو فيه من وجه دون آخر فهذه خمسة أقسام، وإنما لم يقسم حقوق الله باعتبار الإلزام لأن اللزوم فيها بالتزام الإِسلام لا بإلزام المخبر ولذا يجب على سامع الخبر حكمه من غير قضاء والشهادة فيها لمحض الاظهار أو من حيث تضمنها لحق العباد.