محل وكفي ذلك لزم محالان جواز وقوع سقوط بعض القرآن وثبوت بعض ما ليس فيما مضى، أما الأول فلاحتمال كون الآيات الغير المكررة مكررة أسقط عما لم يتواتر فيه اكتفاء بمحل التواتر.
وأما الثاني: فلاحتمال كون الآيات المكررة غير متواترة بل غير نازلة إلا في محل فأثبت لذلك في غيره مع عدم قرآنيتها. واعترض بأنا لا نعلم لزوم المحالين لأن جواز عدم التواتر في كل محل إنما يستلزمها فيما مضي لو منع وقوع التواتر فيه في كل محل والممكنة السالبة لا تناقض المطلقة الموجبة وكيف يمنعه والوقوع لا يوجب الوجوب إذ المطلقة لا تستلزم الضرورية فلم لا يجوز أن يكون الواقع تواتر المكرر في كل محل وإن لم يجب فلم يقع السقوط والثبوت المذكوران فيما مضي وأجيب بوجوه:
١ - أن المحال الأول لازم وذلك كاف، فإن التواتر لو لم يجب لجاز سقوط بعض المكرر قبل اتفاق تواتره ولا ينافيه وقوع التواتر في سائر المكررات وبذا لم يحصل الجزم بعدم السقوط مع أنا جازمون به، ولا يقال تواتر عدم سقوط بعض المكرر كما تواتر ثبوت بعضه؛ لأن التواتر في العدم لا يتصور إما لأنه لا يستند إلى الحسن، وإما لأنه قبل حصول حد التواتر.
٢ - أن وقوع حد التواتر وإن قدح في لزومها فيما مضى فلا يقدح في الجوازين المحذورين فيما يستقبل لولا وجوب التواتر في كل محل مع أن فاعلها مجنون أو زنديق.
٣ - أن لنا وجوب التواتر في كل محل دليلًا آخر وهو كونه ما يتوفر الدواعي على نقله كما سيجىء وهذا على مذهب مجوز الانتقال.
تتمة: اختلاف القراءات السبع إن كان فيما لا يختلف خطوط المصاحف به وهو المنتهى بنفس الأداة والهيئة لا بحسب دائرة كالمد واللين أعني تطويل صوت حرف العلة إلى مقدار وعدمه والإمالة والتفخيم وتخفيف الهمزة وغيرها، وإن كان فيما يختلف وهو المسمى بقبيل جوهر اللفظ نحو ملك ومالك يجب تواتر كل منهما ليكون قرآنا.
الثالث: يجوز العمل بالقراءات الشاذة إذا اشتهرت كالخبر المشهور عند الحنفية مثل قراءة ابن مسعود رضي الله عنه في كفارة اليمين فصيام ثلاثة أيام متتابعات بخلاف قراءة أبي رضي الله عنه في قضاء رمضان خلافًا لغيرهم في أنه قرآن أو خبر ورد بيانًا فظن قرآنًا، وأيًّا كان يجب العمل به، قيل يجوز أن يكون مذهبًا لجواز أن يجتهد الصحابي في خبر فرواه بالمعني على زعمه ولئن سلم فالخبر خطأ قطعًا لأنه نقل قرآنًا وليس بقرآن لعدم تواتره فارتفع الثقة. والجواب عن الأول: أن إلحاق ما اجتهد فيه بالقرآن بحيث يظن