النفس اختيارًا بمفارقة الأهل والمأنس ودخول البادية مع خوف القطاع كدخول البرزخ وأهواله وثواب الإحرام كالكفن ففيه لخرم عن جميع لذات الشهوات المكدرة للروح واستلام الحجر تجديد عهد يوم الميثاق لأنه يمين الله تعالى والعرفات كالعرصات فيه يتمثل قوله "موتوا قبل أن تموتوا" وبهذه الموتة الاختيارية حصول الحياة الطيبة ولذا كان ماشيًا أفضل إلا إذا ساء خلقه مع المشى لأن مقصود المجاهدات لخسين الخلق.
ولتفاصيل وظائفه أسرار يقصد عن استقصائها أمام المقام. وأنوار يحصر عن إحصائها لسان ما يقتضيه الحال من الاهتمام. فليطلب في موضعه اللائق من علوم الحقائق.
وللجهاد حفظ بيضة الإِسلام وتحقيق ما بعث له الأنبياء عليهم السلام وهو دعوة العباد والسعى في إخلاء العالم عن الفساد وتخليصهم عن الكفر الموجب للشقاوة الأبدية ورد كيد جند إبليس في السعى للغواية السرمدية وفيه تعذيب أعداء الله وتهذيب صدور أوليائه قال تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}[البقرة: ١٩٣]، {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}[التوبة: ١٤] الآية إن قلت فيه مفسدة تعذيب العباد وتخريب البلاد وملعون من هدم بنيان الرب حتى قيل يحاكم عصفور قتل عبثًا إذا الوحوش حشرت.
قلنا لكن تضمن مصلحة راجحة بالوجوه السالفة كخرق الخضر سفينة المساكين إذ الأمور بعواقبها كما في القصد وشرب الدواء المر كيف وهو تسليم المبيع الفاني بإبطال الحياة الزائلة المحاطة بالنقم لتحصيل الثمن الباقي والحياة السرمدية المحفوفة بالنعم.
فالغازى محظوظ يإحدى الحسنين إما الغنيمة والثواب وإما الشهادة التي تغبط بها أولو الألباب قال علي رضي الله عنه (لا بد من الموت ففى سبيله أحق وأولى).
جون جان سيردنيست بهر حالتي كه هست ... دركوى عشق خوشتر وبرأستان دوست
[المبحث الثالث: في المعاملات الخمسة]
حكمها إجمالا حصول البقاء النوعي أو الشخصي لأن التصرفات المشروعة شب للاختصاصات الشرعية كملك الرقبة والمنعة والمنفعة وإباحتها المصححة للانتفاع الذي به البقاء ولا منافاة بين سببية تعلق البقاء بها وغرضية نفس البقاء منها بل شأن كل ماله علة غائبة أن يكون تعلقها به سبب وجوده وإقدام الفاعل عليه ومقصوده نفسها وتفصيلا.
فالمناكحات وهي أفضلها بقاء العالم ببقاء النوع الإنساني وكثير من المصالح الدينية والدنياوية كغض البصر وتخصين الفرج وتحقيق مباهاته عليه السلام وانتظام مقاصد