والمزاجر وفي حكم تلك الأحكام فإن قياس الأمر بالأمر يبتنى على معرفتهما.
ففيه قسمان في كل منهما مباحث أربعة:
[الأول في الأسباب]
ولها تذكيرات:
١ - أن موجب الأحكام الشرعية هو الله تعالى في الحقيقة ولا يسأل عما يفعل لكنه ناطها بأسباب ودلائل وربطها بأمارات ومخائل تيسرًا عليها فهم الحكم الغائب تفضلا بذلك على المكلف الطالب. ٢ - أن المنوط بالأسباب في الواجبات نفس الوجوب الجبري المبني على السبب والأهلية لا القدرة فإن الخطاب لطلب أداء ما وجب بها اختيارًا ففيه يشترط القدرة بمعنى صحة الأسباب والآلات بل بمعنى توهمها كما فيمن تأهل في الجزء الأخير أو بإقامة أسباب الخلف مقام أسباب الأصل وكلاهما لا يجاب الخلف احتياطًا في الامتثال بقدر الإمكان فنحو وجوب قضاء الصلاة على من جن أو أغمي عليه دون يوم وليلة أو نام في جميع الوقت وقضاء الصوم وإن استغرق النوم والإغماء الشهر دون الجنون بفرق الندرة لتحقق نفس الوجوب إن بني وجوب القضاء عليه وليس فيها وجوب الأداء ولتوهم قدرة فهم الخطاب بتوهم الزوال والانتباه إن بنى بنى على وجوب الأداء وقد مر دليل القولين وكذا وجوب العشر والفطرة على الصبى إجماعًا والزكاة عند الشافعي رضي الله عنه إما باعتبار نفس الوجوب وإما باعتبار الخطاب لأوليائه.
٣ - أن السببية تعرف بالإضافة ودخول لام التعليل وباء السببية والاختلاف باختلاف صفة السبب والتكرار بتكرره وبطلان التقديم عليه كما مر تحقيقها.
[المبحث الأول: في الاعتقادات وهي الإيمان بتفاصيله.]
قالوا سببه حدوث العالم بيانه أن الإيمان واجب نقلا للأوامر في الآيات والأحاديث ولكونه مقدمة لكل واجب مطلق وعقلا لأن حدوث العالم الذي تفصيله آيات الآفاق والأنفس يقتضيه كما يدل عليه قوله تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}[فصلت: ٥٣] أي يعلم أنه المَوجود لذاته لدلالة الحدوث على محدث واجب لذاته لئلا يتسلسل والدور يستلزمه والتسلسل مح لأنه لو تسلسل علل الحادث إلى غير النهاية توقف حدوثه على انقضاء ما لا نهاية له وهو مح والموقوف على المحال محال.
ولذا سمى عالمًا فلوجوبه الذاتي يتصف بجميع الكمالات ويتنزه عن جميع النقائض والحدوث الزماني دليل المختار وهو الحق والحدوث الذاتي دليل الموجب ولأن نفس