كان معقولا لأن الماء مباح لا يبالي بنجسه وحرمة الانتفاع به بعد إلاستعمال بخلاف سائر المايعات ففيها خرج عطم فلا يمكن إلحاقها به ولا دلالة بخلاف الخبث فإن إزالته معقولة ولا يضر لزوم أمر غير معقول له وتعديته في ضمنه كما مر وهو أن لا ينجس كل ماء وصل إليه لا يقال فليشترط النية في الحديث كما في التيمم لأنها شرط الفعل وهو أي التطهير بالماء معقول أي من حيث هو تطهير وغير المعقولية في المحل بخلاف التراب لأن فعله تلويث إلا بالنية أو لأنه بعد النية كالماء ثم لا نية وأما مسح الرأس فلما أقيم مقام الغسل أخذ حكمه فلم يشترط له النية قيل في جوابي المسألتين بحث ووجه بأن فيهما جعل كل الألة بعضها وأقول لا كلام في جوازه إذا تحققت الآلية إذ شأن الآلة أن لا تقصد لعينها بل البحث طلب التمييز بين الركن والألة ليسلم جواز التغير بالتعليل فيها لا فيه.
[الفصل الثالث: في أركانه]
أركان الشىء أجزاؤه الداخلة في حقيقته المحققة لهويته والمشهور أنها للقياس أربعة: الأصل والفرع وحكم الأصل والجامع أما حكم الفرع فيمر به والأصل هو المحل المشبه به كالبر وقيل حكمه كحرمة فضله.
وقيل دليله وهو الحديث والأشبه الأول لاستغناء المحل عنهما وافتقارهما إليه وعليه نجرى والفرع المحل المشبه وقيل حكمه وهو الحقيقة والأول مجاز لا دليله لأنه عين القياس والنزاع اعتبارى وما قال بعض المحققين من أن الجامع أصل للحكم في الفرع إذ يعلم بثبوته وفي الأصل بالعكس إذ يستنبط بعد العلم به فيرتد بالأصل ما يبتنى عليه.
وقال فخر الإِسلام ركنه ما جعل علمًا على حكم النص من وصف أي حقيقة أو تأويلا يشتمل عليه النص بصيغته كالقدر والجنس أو لا بها كالعجز عن التسليم في النهي عن بيع الآبق وجعل الفرع نظيرًا للأصل في الحكم بوجوده فيه وإنما قال ركنه ما جعل علمًا ولم يقل ما جعل علمًا ركنه لأنه لم يعتبر الأركان الأُخر إما لأنه آخر الأركان ويستلزم وجوده وجودها فيضاف الحكم إليه كالقدح المسكر وإما لأنه المؤثر فكأنه هو الركن ادعاء.
وفيه تنبيهات:
١ - أن القياس معرفة علة المنصوص والتعدية تمرته.
٢ - أن العلة علم وأمارة للحكم والمؤثر في الحقيقة هو الله تعالى وهو رد على المعتزلة في أن العلل عندهم مؤثرات حقيقية كالعقلية لقولهم بالوجوب على الله تعالى ورعاية الأصلح فالقتل العمد العدوان موجب عندهم شرع القصاص عليه تعالى وعندنا كما أن