بالنسبة إلى مرضحة كسب المكلف ولهم سادس منه يفهم تجويزهم التكليف الممتنع لذاته وهو أبا جهل مكلف بالإيمان أي بتصديق جميع ما جاء به الرسول فيكون مكلفًا بالتصديق في عدم التصديق بشيء لقوله تعالى:{لَا يُؤْمِنُونَ}(البقرة: من الآية ٦) وهو محال لأنه ملزوم الجمع بين النقيضين وهما التصديق في الجملة وعدمه أصلًا ولأن ذلك التصديق ملزوم لعدم التصديق أصلًا وهذا معنى أن التصديق يستلزم التكذيب في عدم التصديق أصلًا لأن وقوعه يقتضي كذب الخبر وإلا كان الوجه الثاني وإنما استلزم التكذيب لأنه إذا صدق فقد علم بتصديقه وجزم بكذب الخبر بعدم التصديق أصلًا والجزم بالكذب تكذيب والجواب أن الإيمان في حق كل مكلف التصديق في الجميع إجمالا وفي كل معلوم له تفصيلًا وذلك ممكن في نفسه متصور وقوعه من أبي جهل لجواز أن لا يكون مجيء الأخبار بعدم التصديق معلومًا له على التفصيل وعلم الله تعالى وإخباره للرسول لا ينافي ذلك كما مر فهو كقوله تعالى لنوح عليه السلام {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ}(هود: من الآية ٣٦) ولئن كان معلومًا لا يخرج أيضًا عن الإمكان بل كان من قبيل ما علم المكلف امتناعه منه بالغير ومثله جائز غير واقع لانتفاء فائدة التكليف وهي الابتلاء بالعزم على الفعل أو الترك ولا عزم لأنه الجزم بعد التردد ولقائل أن يقول إن الإيمان أن كان التصديق في الجملة لم يلزم من التكليف بالإيمان التصديق بكل وبهذا النص وإن كان التصديق بكل كان نفيه في لا يؤمنون رفع الإيجاب الكلي لا السلب الكلي فلا ينافيه التصديق بشيء وهو هذا النص فليس هذا الدليل هائلًا كما ظن.
[تتمة في تقسيم القدرة وأحكام قسمتها]
القدرة التي هي شرط سابق للتكليف وهي سلامة الآلات والأسباب كما مر مفسرة ما يتمكن به العبد من أداء ما لزمه من غير حرج غالبًا قيد به ليخرج الحج بلا زاد وراحلة فإنه نادر وبلا راحلة فقط كثير أما بهما فغالب كالجذام والمرض والصحة وهي شرط لوجوب الأداء لا لنفس الأداء لوجوب تقدم الشرط.
أما القدرة الحقيقية فعلة تامة لا شرط ولذا يقارنه ولا لنفس الوجوب بل شرطه السبب والأهلية لأن المقصود الأداء فلما أمكن انفكاك وجوبه عن نفس الوجوب لم يكن إلى اشتراطها له حاجة ولأنه جبري ولذا يتحقق في النائم والمغمي عليه إذا لم يؤد إلى الحرج ولا قدرة لا يقال نفس الوجوب لا ينفك عن التكليف المستلزم للقدرة فكيف