السرقة أخذ المال مسارقة عن عين الحافظ أو قاصد الحفظ بحرز المكان وقد انقطع حفظه بعارض وهذا في غاية الكمال في الطَّرِّ لأنه قطع الشيء عن اليقظان بضرب غفلة تعتريه فكان اختصاصه باسم آخر لحذق في فعله فصح تعدية الحدود إليه وفي غاية القصور وفي النبش إما لأنه الأخذ مسارقة عن عين من لعله يهجم عليه وهو لذلك غير حافظ ولا قاصد ولأنه ارذل الأفعال وأردأ الخصال وفي السرقة مع أنها قطعة من حرير دلالة على خطر المأخوذ حيث اشترط فيه النصاب فلم يصح تعدية الحدود إلى مثله فلذلك قال الإمام ومحمد رحمهما الله لا يقطع ولو كان القبر في بيت مقفل في الأصح وإن سرق مالا آخر من ذلك البيت لاختلال الحرز بإمكان التأويل في الدخول بزيارة القبر.
وقال أبو يوسف والشافعية يقطع لأن الأخذ على الخفية يتناوله فعند الغزالي إذا سرق من بيت محرزًا وفي مقبرة متصلة بالعمران وعند القفال مطلقا.
وكالزاني في اللائط فإن الزنا صفح ماء محترم في محل مشتهى بحيث يؤدي إلى استهلاك الفراش أو إهلاك الولد واللواط لا يؤدي إليهما فلا يعدي الإمام حده إليه.
[الفصل العاشر في حكم المشكل]
وهو الطلب ثم التأمل أي النظر في محامله صم التكليف في الفكر ليميز مراده الداخل في أشكاله أما الغموض في المعنى نحو:{أَنَّى شِئْتُمْ}[البقرة: ٢٢٣] فطلب أنه يجيء بمعنى من أين نحو: {أَنَّى لَكِ هَذَا}[آل عمران: ٣٧] وبمعنى كيف نحو: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ}[مريم: ٢٠].
ثم تأمل أن المراد ليس الأول ليباح الدبر لأنه موضع الفرث لا الحرث والفرث أذى أصلي فبالأولى أن يحرم ويؤيده سبب النزول فتعين الثاني المفيد في الإطلاق في الأوصاف أعني قاعدة ومضطجعة ومستدبرة وإما لاستعارة بديعة نحو:{قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ}[الإنسان: ١٦] فطلب حقيقتها ومجازها وتأمل أن لا صحة لها فتعين هو وقد مرت أمثلته.
[الفصل الحادي عشر في حكم المجمل]
هو التوقف إلى الاستفسار عملا مع اعتقاد حقيقة ما هو المراد حالا ثم الطلب والتأمل إن احتيج إليهما كما في الربا فإن حديث الأشياء الستة الحاصل من الاستفسار معلل بالاجماع فيطلب معانيه الصالحة للعلية ويتأمل لتعيين ما هو العلة فيعدى بحسبه وإن لم يحتج إليهما يكتفي بالاستفسار فإن كان بيانه قطعيا صار مفسرا كما في الصلاة والزكاة وإن كان ظنيا صار مأولا كمقدار المسح.