قلنا معللة بالمصالح كمنافع العباد لاقتضاء حكمته وليس ذا غرضا ولهم في الوقوع وجوه:
١ - تكليف العصاة كإيمان أبي جهل وقد علم الله كذلك وخلاف معلومه ملزوم جهله المحال.
٢ - أنه أخبر بعدم وقوعه في قوله تعالى {لَا يُؤْمِنُونَ}(البقرة: من الآية ٦) وخلافه ملزوم كذبه المحال.
٣ - تكليف من علم بموته قبل التمكن الحقيقي كمن مات وسط وقت الموسع وكذا من نسخ عنه قبل التمكن في الجملة كما قبل الموت فإن الامتثال يمتنع منهما.
٤ - أن الاستطاعة تقارن الفعل والتكليف الذي هو طلبه قبله فلا قدرة حال التكليف.
٥ - أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى فهم مجبرون عليها بلا قدرة ولذهاب الشيخ إلى هذين الأصلين نسب تكليف المحال إليه وإلا فهو لم يصرح به والنسبة بهما إلى هذا العظيم ضعيفة إذ لا تقتضينها فإن مناط التكليف الإمكان بمعنى صحة تعلق قدرته الكاسبة بإيقاعه عادة وهي بالقدرة المفسرة بصحة الآلات والأسباب إجماعًا لا الاستطاعة الحقيقية وإلا لكان كل تكليف تكليفًا بالمح لأن الفعل معها واجب فطلبه طلب إيجاد الموجود وهو تكليف محال لأن الطلب يقتض مطلوبًا غير حاصل لأنه تكليف بالمح كما ظن وبدونها ممتنع والتعميم باطل إجماعًا لأن من جوزه لم يعمم ولزم أن لا يعصى أحد لأنه إذا لم يأت بالمأمور لم يكلف به حاصل وبذا يندفع أيضًا أن الفعل بدون علته التامة ممتنع ومعها واجب فلا تكليف إلا بالمحال ولأن قوله بأن الأفعال مخلوقة لله تعالى مبنى على أن ترجيح الاختيار من جانبه لا كما قال الجهمية من أن أفعال الحيوانات كحركات الجمادات فيكون امتناع أحد الطرفين بالغير ونحن مساعدون على التكليف بمثله والجواب عن باقي الأدلة أن الأول منقوض بما اتفقوا على إمكانه لاقتضائه أن لا يكون مكلف به ممكنًا لتعلق علم الله بأحد طرفي كل ممكن ومناقض كالثاني بأن علمه تعالى وإخباره مرادا بهما تعلقهما بفعل العبد اختياريًا وبعدمه مع اختياره في الإيقاع مسلم ولا ينافي قدرته بل يحققها واجبًا ممنوع لأنهما تابعان المعلوم والمخبرية بمعنى أنهما حاكيان لهما ولكيفيتهما ولذا يحققان الاختيار لا بمعنى وقوعهما بعدهما حتى ينافيه القدم ويصح الحكاية لأن الكل مشهود له كالمحسوس. لنا: كيف ولو لم يتبعهما لزم الجبر وقد مر نفيه ولئن سلم فالممتنع بالغير ليس محل النزاع وإلا لزم تعميم الامتناع والثالث يندفع بما مر أن الشرط الامكان