للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوجين الداخلية والخارجية ولذا اشتمل النكاح على معنى العبادة أيضًا وفضلناه على التخلى للنوافل حتى هى سنة مؤكدة.

وقيل فرض كفاية يدل عليه من الله تعالى علينا بالنسب والصهر الحاصلين به في الآية والنصوص النادبة والمرغبة بألفاظ الأوامر لا سيما المقرونة بالوعيد وأنه لولاه لزم التهالك حسب التغالب في اقتضاء الشهوات المركوزة في الطباع وفيه للعالم خلل والفراش فساد والنسل ضياع كيف وأنه ستة أصلية ورثناه من آدم عليه السلام حتى روى أن الله تعالى خلق حواء من ضلع آدم الأيسر فزوجها منه وأشهد الملائكة في خطبته المأثورة.

ثم الطلاق وهو الإطلاق عن رق النكاح إنما يرخص إذا لم يترتب مقاصد النكاح من التناسل والسكن والتحصين وإلا فمنهى لقوله عليه السلام "أبغض المباحات عند الله الطلاق" ولأنه ترك سنة المؤكدة أو فرض الكفاية وفيه إيحاش المستأنس فيكره إلا عند الضرورة ولذا أبقى مكثه التدارك فشرع متعددًا ثلاثًا لأنه الحدد الموضوع لإبلاء الأعذار وفوض إليه لأنه المالك بالمهر أو المتعة ولأنها ناقصة العقل مسرعة إلى التفريق بأدنى ضجر وأعقب بالعدة بثلاثة في الحرة لتروى النظر في أمر الرجعة وتعرف براءة الرحم كيلا يختل الإنساب وتنتين في الأمة لأنها النصف المكمل واكتفى بحيضة في الاستبراء لعدم تعلق النسب بها بل بالدعوى.

ثم العتاق مثله في المعالق الكثيرة فيه تقوية الضعيف بإثبات القوى الشرعية من الولايات والاستبداد في التصرفات بعد ما كان ملحقًا بالجمادات وعرضة للابتذال مسخرًا لمثله من البشر كالحيوانات جزاء لكفره ابتداء وإن جعل أمرًا حكميًا في البقاء ابتلاء كما فيمن ولد مسلمًا فإن بقاء الحكم يستغنى عن بقاء السبب كالحيض في النساء كأن تبعه لحواء لأجل أكل الشجرة فبقى في بنائها ولأن الرق أثر الكفر المسبب للموت كان الإعتاق إحياء كالإيلاد وجزاء له في الحديث وإعتاق رقبة مؤمنة كفارة قتل المؤمن خطأ ليعوض الناس من منافعه العائدة إليهم في الولايات والقتال وغيرها.

وللمبايعات اتساق أمور المعاش والمعاد والتجار عمال الله يوصلون أرزاقه إلى العباد فبالكسب عمارة البلاد وفيه ابتغاء فضل الله الممدوح في الآيات إذ به يتهيأ المروات ويحسن المعاشرات وهو سنة الأنبياء عليهم السلام كان آدم عليه السلام زراعًا وشيث عليه السلام نساجًا وإدريس عليه السلام خياطا وإبراهيم عليه السلام بزازًا وإسماعيل عليه السلام مصطادًا وروى عن جبريل عليه السلام قوله لو احتجت إلى الكسب لكنت سقاء وفي شرعها أيضًا إطفاء نائرة المنازعة ورفع النهب والحيل المكروهة والسرقة والطمع

<<  <  ج: ص:  >  >>