للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأول من حقوق الله تعالى: بأصنافه الخمسة فخبر الواحد حجة رواية بشرائطه السابقة في ابتدائها وبقائها، قيل في بقائها فقط لأنه أسهل وقيل لا بد من العدلين كالشهادة قلنا: الأدلة المذكورة لا تفصل والقياس على الشهادة في اشتراط شيء من شرائطها لا يصح لضيق بابها وكذا شهادة كالشهادة بهلال رمضان مع علة المساء يقبل الواحد العدل رجلا وامرأة حرًا وعبدًا لأنه أمر ديني كالرواية، ولذا لم يشترط لفظة الشهادة وقبل عن المحدود في القذف في ظاهر الرواية، ويروى لا يقبل لأنه شهادة إذ لا يجب العمل به إلا بعد القضاء واشترط مجلسه والعدالة وكذا في سائر الديانات.

أما خبر الصبي والمعتوه والكافر فلا يقبل فيها أصلا وإخبار الفاسق والمستور رواية لا تقبل وديانة تقبل بشرط انضمام المتحرى للضرورة هنا وكمرة عدول الرواة.

وأما الثاني منها: بإضافة الثلاثة كالقصاص والحدود وحرمان الميراث وكفارة الفطر عندنا فتقبل فيما روى عن أبي يوسف واختاره الجصاص لأن الأدلة لا تفصل ولدلالة الإجماع على العمل بالبينة وأنها خبر الواحد وبدلالة النص الذي فيه شبهة كالرجم في حق غير ماعز وغيره مع أن مواضع الشبهات مخصوصة والعلم المخصوص دون خبر الواحد إذ يعارضه القياس لا إياه وهو قول الكرخي لا يقبل جمعًا بين تلك الأدله والدارئة لشبهة فيه كما في القياس وقبول البينة إما بالإجماع أو بالنص القطعي الوارد على خلاف القياس نحو: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] فمحل الخلاف عليه لا يقاس ولأن الشهادة ق حقوق الله تعالى مَظهرة وخبر الواحد مثبت ولأن البينة لإثبات سببها وهو الفعل لا نفسها ولأنها لو لم يعمل فمِها لانسد بابها إذ الإقرار نادر والتواتر أندر بخلاف خبر الواحد لأن أكثر أنواعها ثابت بالكتاب والكلام ق مثل حد الشرب الغير الثابت به أما الفرق بان لها شرائط كثيرة ففيه ما فيه وخبر الواحد إذا كان ظني الدلالة يكون كالعام المخصوص يعارضه القياس بالأولى مع أن المعارضة في الحقيقة للنص المخصص الذي يظهر القياس عموم حكمه.

قيل: والأصح عند الإِمام هو الأول لأنها أحكام عملية لا علمية وقد تمسك في قتل مسلم بذمي بالمرسل وفي قتل جماعة بواحد بأثر عمر رضي الله عنه وهما دون المسند وإنما لم يعمل بالرأي لأن الحدود مقدرة مكيفة لا مدخل للرأي ق معرفتهما ولكلام صاحب الشرع أن يثبتهما والقصاص أعظم ولأن الشبهة في نفسه لا في طريق ثبوته المقنن فلذا لم يعمل ق اللواطة بالرأي ولا بخبرها لغرابته وعملا بالدلالة ولا شك أن الخبر القطعي الدلالة أعلى من العام المخصوص ولا قائل بالتفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>