للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما حقوق العباد فرواية الواحد في أقسامها الثلاثة مقبولة مع شرائطها وغير الرواية ففي الأول كالبياعات والأملاك وغيرهما لا يقبل لكونه إلزامًا إلا بالولاية فإنها تنفيذ القول على الغير شاء أو أبى فلا تقبل من نحو العبد والصبي والكافر ولكونه مظنة التزوير والتلبيس إلا بالعدالة وسائر الشرائط الرافعة إياهما وبلفظة الشهادة لأنها أبلغ في إفادة العلم لأنها من المشاهدة المعاينة كما قال على رضي الله عنه إذا علمت مثل الشمس فأشهد وإلا فدع وبالعدد عند الإمكان لأن الطمأنينة معه أظهر ولأن الترجيح على البراءة الأصلية به.

وفيه بحث سيجيء بخلاف حقوق الله تعالى فإن ظهور الصديق كاف لعدم المنازع ولأن لزومها بالتزام الإِسلام لا بإلزام المخبر ولأن الغالب فيها عدم تهمة الحيلة والتزوير ولهذه المعاني لم يحتج إلى القضاء بعد الإخبار أما إذا لم يمكن العدد فلا يشترط كشهادة المرأة بالولادة والبكارة وسائر ما لا يطلع عليه الرجال، قال مالك - رحمه الله - الشهادة بالرضاع في المملوكة يمينًا أو متعةً تقبل من المرأة الواحدة الثقة (١) لأن الحرمة أمر ديني كمن اشترى لحمًا فأخبره عدلٌ أنه ذبيحة المجوس قلنا فيها إلزام إبطال الملك الذي هو حق العبد مقصودًا وإن لزمه الحرمة كالعتق والطلاق والإخبار بحرية الأمة لأن الحل والحرمة في البضع يستلزمان الملك وعدمه لا ينفكان عنه ولذا يؤثر فيهما الإباحة من مالك الأمة ونفس الحرة بخلافهما في الطعام والشراب فإنهما مقصودان برأسهما فيهما حيث ينفكان عنهما فاعتبر أمرًا دينيًّا فالحل بدون الملك في الإباحة وعكسه في العصير المتخمر واللحم المذكور حتى لا يملك الرجوع على بايعه فالشهادة بهما لا يتضمن الشهادة بالملك وإبطاله.

وأيضًا فيها إبطال استحقاق الوطئ للولي أو الزوج على الأمة والمنكوحة حيث كان يلزمهما الانقياد بما وليس في حل الطعام وحرمته استحقاق حق لشخص على آخر والحق أن فيه تفصيلا وهو أن الاحتياج إلى التأكيد في الشهادة بالدافع وهو القاطع المقارن كما بفساد أصل النكاح لارتداد أحدهما أو الرضاع حالة إذن إما بالرافع وهو القاطع الطارىء كما بارتضاع المنكوحة الصغيرة من أم الزوج أو زوجته إذا أراد الزوج نكاح أختها أو أربع سواها أو المرأة نكاح زوج آخر فيجوز أن يقبل فيها الواحد والفرق أن ظاهر الإقدام على العقد دليل الصحة فيعارض الواحد في الأول ولا معارضة في الثاني أو أن الثاني موضع مسالمة والخبر مجوز غير ملزم كما في الخبر بموت الزوجة أو الزوج أو


(١) انظر /المدونة (٤/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>