الصحابة العمل به فإنهم محجوجون به كغيرهم وفي الأول خاصة قبول الأمة له في تفاصيل الصلاة ونحوها وإن القياس مع أنه أضعف يقبل فالخبر أولى وفي الثاني خاصة إن ترك العمل يحتمل أن يكون لمعارض أو فقد شرط والجواب عن:
١ - إن الاستحالة العادية معارض عقلي راجح. وعن:
٢ - منع الشذوذ فيما تمسكوا به من نحونا قضية القصد والحجامة والقهقهة والتقاء الختانين وقبول القياس لأنه آخر الأدلة وعن:
٣ - إن ترك من يذهب إلى موجبه الاستدلال به لا يحتمل المعارض ولو سلم فالغرض استحقاقه أن لا يعمل به بأي وجه كان مع أنه لو كان لأظهروه وتمسكوا به عادة لا بالقياس على أن الأصل عدم مانع آخر بل هو بعيد والاحتمالات البعيدة لا تنفى الظهور فعدم عمل الشافعي بالانقطاع الباطن المعنوي كمخالفة الكتاب والحديث المشهور والشذوذ فيما عم به البلوى مع العمل بالانقطاع الصوري في المرسل وعكسنا دأبنا في اعتبارنا المعاني واعتباره الصور.
المبحث الثاني: في الانقطاع لقصور في الناقل:
وقد تقدم حكمه في الرواية والشهادة، أما في غيرهما فخبر الصبي والمعتوه أي المختلط العقل بلا زوال، قيل: كالعاقل البالغ لقبول أهل قباء خبر ابن عمر رضي الله عنهما بتحويل القبلة إلى الكعبة وهو صغير لأنه كان قبل بدر بشهرين وعرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل بدر بيوم واحد وهو ابن أربعة عشر سنة فرده لصغره والمعتوه ملحق به وقيل كالفاسق يجب ضم التحري لقصور في عقلهما.
والصحيح من مشايخنا أنهما كالكافر لا يقبل خبرهما في الديانات بحال وإن عقلا لأنه لا يلزمهما ولو قبل على غيرهما يكون ملزمًا ولا يصلح لأن الولاية المتعدية فرع القائمة ولا إلزام بما على أنفسهما لتوقف تصرفهما على رأى الولي ألا يرى أن الصحابة لم ينقلوا ما تحملوا في صغرهم إلا في كبرهم.
والجواب عن حديث قباء أن اعتمادهم على رواية أنس رضي الله عنه فقد روى أنه الذي أتاهم فيحمل على إتيانهما معًا ولو سلم فكان ابن عمر رضي الله عنهما ذا أربعة عشر سنة ويجوز البلوغ حينئذ ورده عن الحرب كان لضعفه وأما خبر المغفل الذي غلب على طبعه الغفلة فمثلهما لا يقبل لترجح السهو وكذا المساهل أي المجازف الذي لا يبالي بالسهو والتزوير ولا يشتغل بتداركهما فقد يكون العبادة ألزم من الخلقة لكن تهمة الغفلة بدون الغلبة ليست بشىء إذ قلما يخلو عامة البشر عن ضرب غفلة.