للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالصلاة مجازية، وكذا النهى عن النفط في دعي الصلاة {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: ٢٢]، ومن هذا يعلم أن شرائط الشيء داخله في شرعيته لا وجوده.

وتحقيقه كونه مقيدًا بها وكون المطلق مع قيوده حقيقة واحدة اعتبارية فليس هذا النزاع مبينا على أن الشرط داخل في حقيقة السبب ومانع عن انعقاده سببا عندنا وعن تأثيره لا تحققه عنده كما ظن إذ لا حاجة هنا إلى دخوله في حقيقة المشروط أو سببه بل في شرعيته مع أن الحق في تلك المسألة أيضًا مذهبنا كما سيتضح.

وعن الثاني أنا لا نعلم أن امتناعه علم بهذا النهي وأنما يصح لو صح تعلق النهى به وكيف يصح، وتعلقه به يخرجه عن حقيقته.

أما الجواب بأن تصور اللغوي أو الشرعي حاله النهي كاف لصحته ففاسد للقطع بأن النهى ليس عن الإمساك المطلق والدعاء وبأن التصور في وقت الانتهاء عن الفعل وهو المستقبل هو الواجب والمعتبر كما في الأمر له أن حقيقة النهى في اقتضاء القبح كالأمر في اقتضاء الحسن فكما كان المأمور به حسنًا لمعنى في عينه إلا لدليل يكون المنهي عنه قبحا لعينه إلا له بناء على أن المطلق يتناول الكامل إذا القاصر ثابت لا من وجه لا قياسا في اللغة فمن جعل مجازا في الأصل حقيقة في الوصف عكس الحقيقة وقلب الأصل هذا معتمدة أما التمسك باستبدال العلماء بالنهى على الفساد وبأنه بناء على تبعية الأحكام لمصالح العباد تفضلا أو لم يفسد، فإن ساوى حكمه النهى حكمه الثبوت تعارضنا وخلا النهى عنها أو كانت مرجوحة فأولى لفوات الزائد من مصلحة الصحة الخالص عن المعارض أو راجحة فامتناع الصحة لخلوها بل لفوات الزائد من مصلحة النهى الخالص عنه فإنما يفيد أن اقتضاء القبح في الجملة ولا نزاع فيه ولتفريعه طريقان:

١ - أن الرضا بالمشروع أدني درجاته لقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: ١٣]، والتوصية المبالغة في الأمر المقتضي للرضا ولأن المقصود من الشرع الهداية إلى السعادة العظمى وهي رضاء الله تعالى، ثم القبح ينافي الرضا وإن لم يناف المشبه والقضاء كالكفر والمعاصي ومنافي اللازم مناف للملزوم فالقبيح لا يكون مشروعا فالنهى عن التصرف الشرعي نسخ له بما اقتضاه من التحريم السابق.

٢ - إن حكمه وجوب الانتهاء وكون الارتكاب معصية لا طاعة في العبادة ومشروعا في المعاملة لتضاد بين الأوليين، وتناف بين الآخرين فإن كل مشروع لا معصية فكل معصية حسيا كان أو شرعيا لا مشروع ولذا لم يفد الزنا حرمة المصاهرة وهي الحرمات الأربع فإن المصاهرة نعمة أمتن الله بها وكرامة كالنسب ولذا تعلق به الكرامات من

<<  <  ج: ص:  >  >>