إجماعًا صار ابتداؤه كبقاء الصلاة في التعذر وبقاؤه كابتدائها في عدمه فالعجز إذا جوز فصل النية عن الركن بالتقديم ولهما فضل الاستيعاب تقديرا ونقصان موجب الإخلاص حقيقة وهو الاقتران بالأداء فلان يجوز العجز الموجود في حق البعض بالإقامة بعد الصبح وفي حق الكل بعدم النية من الليل لا سيما ناسيا وفي يوم الشك لأن النية الفرض حزام والنفل لغو عنده فضل النية مع وصله بالركن أولى إما لأن نقصانه نية بقليل ورجحانه حقيقة في الإخلاص بكثير قائم مقام الكل فبذا يجب الكفارة للفطر كما روى عنهما ولا ضرورة داعية على ترك هذا الكل التقديري ولئن وجدي فليس له خلف فلم يجوزه بعد الزوال وترجيحنا بالكثرة في الوجود فهو أولى من ترجيحه بحال الفساد كما سيجيء وفضل تقديمها للمسارعة وإما لأن صيانة فضيلة لا درك لها ولا خلف ولا تفض إلى ترك أخرى أخرى واجبة وإن كان بنوع من الخلل كفضيلة الوقت ولذا قالوا التجويز مع الخلل أولى من التفويت كالعصر وقت الاحمرار والأداء مع النقصان أفضل من القضاء كالاعتكاف المنذور في رمضان وإن لم يكن مع الصوم القصدي ويدل عليه قوله عليه السلام "من فاته صوم يوم من رمضان لم يقضه صيام الدهر كله (١) " وليس هذا قولًا بإسقاط الشرط لإدراك الفضيلة بل بمشروعية النية على وجه لا يفضى إلى تركها كما كان بالتقديم على وجه لا يودي إلى فساد الصوم وقلنا لإدراك لهما ليخرج صوم القضاء ويفسد القياس عليه إذ لا ضرورة إلى صيانة وقته لاستوائها في حقه قلنا شرط التثبيت فيه ولا خلف لها ليخرج فضيلة غسل الرجل لأن المسح خلفه بدون شرط التعذر وتعجيل الصلاة أول الوقت ونحوهما ولا تفض على ترك أخرى ليخرج فضيلة الوقت أو الجمعة أو الجماعة في عدم جواز التيمم لخوف فوتها إذ يقضى إلى ترك الأداء بالتوضي ورعايته أخرى لما علم أن الطهارة أهم الشروط ولذا لا تترك بلا خلف بخلاف فضيلة الوقت ولا مع خلف إلا عند تعذرها بخلاف الجمعة أو الجماعة لا يقال فلها خلف وفضيلة الوقت لا خلف لها فهي بالرعاية أخرى والقضاء خلف للأداء لا لفضيلة الوقت لأنا نقول عند وجدان الماء لا خلف لها أيضًا فلا يعتبر الماء الموجود معدوما بفوت فضيلة العبادة وإن
(١) أخرجه البخاري معلقًا (٢/ ٦٨٣)، والترمذي (٣/ ١٠١) ح (٧٢٣)، والدارمي (٢/ ١٩) ح (١٧١٥)، والبيهقي في الكبرى (٢٢٨١٤) ح (٧٨٥٤)، وأبو داود (٢/ ٣١٤) ح (٢٣٩٦)، والنسائي في الكبرى (٢/ ٢٤٤) ح (٣٢٧٨)، وابن ماجه (١/ ٥٣٥) ح (١٦٧٢)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٣/ ١١٠) ح (١٢٥٦٩)، والإمام أحمد في مسنده (٢/ ٣٨٦) ح (٩٠٠٢).