الثالث: كأداء الصلاة والصدقة المنذورتين في يوم بعينه وقته ظرف للمؤدي وشرط للأداء بمعنى فوته بفوته وسبب لوجوب الأداء وليس سببا للوجوب فإن سببه النذر وقيل: سبب لأن البقاء على كل وقت نعمة يستدعي الخدمة شكرًا غير أن الشرع رخص بتخصيص الإيجاب ببعض الأزمنة فإذا نذر أو شرع فقد أخذ بالعزيمة فإن النذر كالخطاب والوقت كالوقت وهذا يناسب قول محمَّد في العبادات البدنية حيث لا يجوز تقديمها على أوقاتها المعينة لا في المالية خلافا لزفر وكذا الخلاف في تعيين المكان والفقير والدرهم له أن أفعال العباد قد تخلو عن الحكم لعدم علمهم فلا يعتبر معانيها بل ألفاظها فيعتبر كل تعيين في النذر ببدنية أو مالية كما في النذر المعلق والمشروط والوصية التصدق على معنين إلا في رواية المحيط والأمر بتطليق امرأته هذه السنة بخلاف أوامر الله تعالى لاستحالة خلوها عن الحكم فيعتبر معاينها والأصل لنا أن إيجاب العبد معتبر بإيجاب الله تعالى فله أن إيجاب الله تعالى يوجب امتناع تقديم النية على أوقاتها المعينة بخلاف المالية كالزكاة وصدقة الفطر فكذا هذا يؤيد أن النذر جعل ما هو مشروع الوقت نفلا واجبًا والتعين بغير الوقت لم يشرع نفلًا إما يتبدل الوقت فيتبدل المشروع قلنا كون النذر معتبرا بإيجاب الله تعالى من جهة ما هو قربة فإيجاب الله يستلزمها مطلقا وإن عجزنا عن درك كيفيته لأن الامتثال يستلزم التعطم إيجاب العبد يعمل فيما اشتمل عليها ولذا لا يجب به ما ليس من جنس القربة المقصودة فضلًا عما ليس من جنس القربة كالنذر بالمعصية وبما ليس شيئًا منهما كصوم الوصال ولا جهة لها في تعيين الوقت والمكان والفقير والدرهم حتى فرق أبو حنيفة - رضي الله عنه - في أن من نذر صوم رجب فاستوعبه الجنون قضى بخلاف ومضان بأن لا قربة في تعيين العبد بخلاف تعيين الله تعالى فلا يكون للوقت المعين مدخل في سببية نفس الوجوب بل في سببية وجوب الأداء كما في الزكاة تيسيرا على العباد ولذا لو قال في الصحة ما ذاب لك على فلان فعلى فوجد الشرط في مرضه يلزمه من جميع المال فإذا عجله كان بعد نفس الوجوب فجاز وأيضًا لا يعتبر تعيين ما إلا من حيث يتعلق به ما هو المقصود وهو التيسير فلو هلك لدرهم المعين سقط ولو مات قبل الوقت المعين لا يلزمه أن يوصى إلا فيما يروي في الخلاصة وعلى ذلك جوازًا لصوم بمطلق النية وبها قبل الزوال وإن جاز لمن نذر صوم يوم النحر أداؤه فيه إما إذا تعلق التيسير بعدم اعتباره فلا كما في جواز التعجيل لاحتمال العجز في الوقت أو الموت قبله وجواز التصدق بمثله