بالطريق المخصوص انتفاء العلم بالمدلول كيف ومن المحتمل أن يثبت بطريق لا يحتاج إلى النظر كخلق الله تعالى العلم الضروري به دفعة لو بعد توجه اختياري أو عادي ثم تعرفهما في الكل بواسطة ورود الشرع لأن الشارع حكيم فلا يأمر بالفحشاء ولا ينهى عن العدل والإحسان كما نص عليهما ولأن كلا من امتثال المأمور واجتناب المنهي طاعة وكل طاعة حسنة وكل معصية قبيحة ظهر أن الأمر والنهى دليل وجوديهما بإيجاد الشرع وهما متقاضهما لا أن الأمر والنهى بوجباتهما وهما أثرهما كالأشاعرة ولا أن العقل يقتضيهما في الكل ضرورة أو توليدًا كالمعتزلة لكن قد يظهر الأمر والنهى اقتضاء ولا شك أن معرفة العقل إياهما في الأفعال يستدعى ما به المعرفة فيها ولا أقل من كونه طاعة أو معصية فباعتباره قسم مشايخنا الحسن إلى ستة والقبيح إلى أربعة وقد أجيب عن تلك الأدله بأنه إن أريد بوجوب التصديق وحرمة التصديق وحرمة التكذيب ضرورة جزم العقل بثبوت الصدق وانتفاء الكذب بالدليل العقلي فذلك مسلم لكنه غير المبحث وإن أريد استحقاق الثواب والعقاب بهما في الأجل فيجوز ثبوت ذلك بثبوت النبوة وصدق دعواها وبحكم الله تعالى بوجوب إطاعته لا ينص آخر ناطق به حتى يتسلسل وكون العقل آلة لهذه الأشياء لا خلاف لأحد فيه وجوابه أن ثبوت النبوة وصدق دعواها عند المكلف يتوقف على العلم به والنظر فيه والمفروض توقف تصديق النبوة والنظر فيه على استحقاق الثواب به والعقاب بعدمه في زعم المكلف المعاند وهما حين شرعيتهما يتوقفان على ثبوتها فالمحذور عائد ولو في نص وجوب لا طاعة ثم المتفق عليه كون العقل آلة لفهم الخطاب ومعرفة صدق الناقل لا لوجوب التصديق والنظر فيه ثم الحسن إما حسن لمعنى في نفسه حقيقة وهو إما أن لا يقبل سقوط التكليف به التصديق أو يقبل كالاقرار والصلاة أو حكمًا كالصوم والزكاة والحج والمعنى في غيره وعلامته سقوطه بسقوط الغير بخلاف الحسن لنفسه بأقسامه فإنه لا يسقط إلا بالإتيان أو باعتراض ما يسقط ما يحتمله منها فأما أن لا يتأدى المقصود به كالسعي للجمعة والوضوء للصلاة أو يتأدى فيشبه الحسن لنفسه كالجهاد وصلاة الميت أو لحسن في شرطه وهو القدرة ويشمل الكل لكنه يختص بالأداء فهذه ستة أقسام:
الأول: مالا يقبل سقوط التكليف مما حسن لنفسه حقيقة كالتصديق في الأيمان وهو أحد قسمي العلم المعبر عنه بالإذعان لقبول النسبة وتسميته تسليما للتوضيح وحصوله للكافر وهم ولو سلم فكفره لجحوده باللسان أو استكباره عن الإذعان ولذا يكفر بصدور