فصارت حسنة لذاتها وسيجيء ما بينهما وتفارق الصلاة الحج بأن المنوط بالبيت ليس حسنها ولذا كانت حسنة حين كانت القبلة بيت المقدس وجهة المشرق وجهة التحري.
الرابع: ما حسن لغيره ويتأدى الغير به فإن السعى والوضوء حسنان للتمكن بهما من الجمعة والصلاة ولذا يتبعاتهما وجوبًا وسقوطًا ولا يتأدى إقامتهما بل ويستغنى عن صفة قربتهما لحصول التمكن بدونها ولذا يسقط عن المعتكف في الجامع والمحمول مكرهًا إليه لحصول المقصود لا عن المحمول مكرهًا منه بعد سعيه إليه لعدمه وليس حسن السعى لكونه مشيًا بسرعة للخبر وهو فلا تأتوها تسعون والأثر وهو تفسير فاسعوا بأقبلوا على العمل والاجماع على أنه يمشي على هيئته ولا حسن الوضوء لكونه تبردًا وتطهرًا.
الخامس: ما حسن لغيره ويشبه ما لعبته للتأدي به كالجهاد وصلاة الجنازة لكفر المحارب إعلاء للإسلام وإسلام الميت قضاء لحق المسلم ولذا لو لم يبق الكفر لم يبق لكنه خلاف الخبر وإن سقط حق الميت بعارض كالبغي وقطع الطريق والكفر سقط أصلًا وإن قضى حقهما بالبعض سقط عن الباقين وليس حسنهما لتعذيب العباد وغريب البلاد ولا لذات الصلاة ولذا نهيت عن الكافر والمنافق فصارت عبثًا بدون الميت، ولبعض الأفاضل في تحقيقها فوائد زيد ترتيبها وتهذيبها وهي أن جهة الحسن والقبح إما عين الفعل أو غيره المنتهي بالآخرة إلى العين دفعًا للتسلسل وذلك الغير إما جزاؤه أو خارج عنه وكل منهما إما محمول متحد معه في الخارج أو لا فالحسن لعينه كالتصديق وأدرج في الحسن لمعنى في عينه مع أنه لعينه اصطلاحًا ولا تشاح فيه أو لأن الموصوف بالحسن جزء ثباته المشتملة عليه ولجزئه المحمول كالصلاة لكونها عبادة وهي مركبة عنها وعن الخصوصية وغير المحمول فهي لأركانها المشتملة على التعطم وللخارج المحمول كالصوم لكونه قهرًا للنفس ومثله الزكاة والحج لكونها دفع الحاجة وزيارة البيت وأدرج هذه في الحسن لعينه إما لأن ورود الأمر المطلق فيها يقتضي حسنها العيني كما سيجيء لكنا لا نعلم المعنى الداعي إليه وإما لأن الحسن العيني ما يؤدي به لكونه مأمورًا فإن طاعة الله تعالى مما يحكم العقل بحسنه عندنا فحصل للحسن بمعنى في نفسه مفهومان أن يكون حسنًا لعينه كالتصديق أو لجزئه كالإيمان والصلاة وإن يكون حسنًا لكونه إتيانًا بالمأمور به ويجوز اجتماعهما كالإيمان وافتراقهما في غير المأمور به والصوم وأخويه والفارق في أن العبادة جزء الصلاة دونها مفهومتها ويجوز أن يوصف بالحسن المأمور به الذي هو الحاصل بالمصدر وإيقاعه وكذا بالمأمور به لأن كلا منهما أثر الأمر ولا يلزم أن كل المأمورات حسنة بمعنى في