المشايخ لإفراز الأقسام الثلاثة الأخيرة إنها مشتملة على المفاسد والدواعي فالمقاصد معاني العبادة التي هي محمولات عليها والدواعي متعلقاتها التي هي غير محمولات وهي المسمى عندهم بالوسطاء ثم أن كان كونها دواعي إلى الأفعال من حيث كونها عبادة لا بذواتها بل لمجرد جعل الله تعالى عدت مما حسن لعينه لسقوط الوسائل عن الاعتبار وبقائها تعبدًا محضًا لله تعالى وجعلت من لواحقه لوجود الوسائط في الجملة وإن كان كونها دواعي لا من حيث أن تلك الأفعال عبادة بالنظر إلى نفسها أصلًا جعلت مما حسن لغيره فإن لم يحصل المقصود في ضمنه فقسم أول منه ومحض لأنه أبعد عن العينية وإن حصل فقسم ثان وسببه فإن الواسطة فيه وهي كفر الكافر وإسلام الميت داعيان إلى الجماد والصلاة لا من حيث هما عبادتان إذ هما لا يستحقان عبادة أصلًا فإن الدعاء إليهم إليس من حيث هما عبادتان وإلا لكانا مقصودتين أصليين بل من حيث هما قمع ورعاية لحق الشركة في الدين مع أنهما أمران اختياريان للعباد أي ليس توسطهما بمجرد جعل الله تعالى حتى يجعل كالعدم بخلاف النفس والفقير والبيت ومقصودهما وهو إعلاء الدين وقضاء حق الميت يحصل بهما ومن هنا يعلم أن المراد بالنفسية والذاتية عدم توسط المباين في جهة الحسن أعني كونه مناطا للمدح ولثواب حقيقة كما في الأولين أو حكمًا كما في الثالث.
القسم السادس: ما حسن لحسن في شرطه الذي هو القدرة التي يمكن بها العبد من أداء ما لزمه بدنيًا كان أو ماليا وحسنًا لعينه كان أو لغيره وهي المفسرة بصحة الأسباب وسلامة الألات لأنها التي تصح شرطًا سابقًا للتكليف إذ الاستطاعة مقارنة ويسمى جامعًا لذلك الشمول ولا يمتنع اجتماع الحسنين بل أكثر في واحد كالجملة المتزينة حسنًا والظهر المخلوف عليها شرعًا ففيها ثلاثة بل أربعة وفي نوع الوضوء المنوي حسنان عندنا وعلى ما نقلناه أربعة وسيجيء أقسامها وأحكامها إن شاء الله تعالى.
وأقسام القبيح على ما ذكروه أربعة: لأنه إما العينة وضعًا لأنه إما لعينه وضعًا أي عقلًا كالكفر والكذب والعبث والمراد به كون اللفظ موضوعًا لما هو قبيح عقلًا أو ملحقًا به شرعًا كبيع الحر والمائن لأن المقصود من البيع المنفعة فلعدمها فيه التحق شرعًا بالقبيح وضعًا وفي اللوط قولان أن قبحه وضعي أو شرعي أو لغيره وصفًا كصوم يوم العيد والتشريق والبيع الفاسد أو مجاورًا كالبيع وقت النداء والصلاة في المكان المغصوب وربما يقسم إلى الخمسة كالحسن تحقيقًا للمقابلة فالقبيح لعينه إما وضعا فمنه ما لا يسقط بحال كالكفر ومنه ما يتحمله كالكذب يسقط قبحه في إصلاح ذات البين والحرب