للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول مطلقًا وفي قول إذا قضي في الحضر لأن النبي عليه السلام سماه صدقة في حديث عمر - رضي الله عنهما - (١) والصدقة لا يتم إلا بالقبول ولذا قال فاقبلوا فقبل القبول على ما كان.

لنا وجوه:

١ - أن التصدق بما لا يحتمل التمليك أصلًا وإن كان ممن لا يلزم طاعته إسقاط محض لا يرتد بالرد كعفو القصاص أو هبته أو تصدقه أو تمليكه من الولى وكهبة الزوج الطلاق أو النكاح أو تصدقهما أو تمليكهما من المرأة وقد سمي الإسقاط تصدقًا في قوله تعالى {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (البقرة: من الآية ٢٨٠) فمن يفترض طاعته أولى بأن لا يتوقف على القبول لأن تمليك الله في محل يقبله لا يرتد مطلقًا كالإرث بخلاف تمليكنا في الأعيان ففى لا يقبله إذا لم يكن من العبد فمن الله تعالى أولى فمعنى اقبلوا صدقته اعملوا بها وإما ما يحتمل التمليك من وجه دون آخر كقوله لمديونه تصدقت بالدين عليك أو ملكتك إياه فإن قبل أو سكت سقط وإن رد ارتد لأنه مال من وجه دون آخر فكذا تصدقه ابراء من وجه وتمليك من آخر حتى لم يصح تعليقه بالخطر كتمليك العين فعمل بالشبهين، وفي حديث عمر بحث شريف استرادي هو أن قوله أنقصر الصلاة ونحن آمنون مبني على أن القصر معلق بالخوف في القرآن فقال بعض أصحابنا كل من الحديث وسؤال عمر - رضي الله عنه - يدل على أن عدم الشرط لا يقتض عدم المشروط لأن عمر - رضي الله عنه - كان من أهل اللسان وأرباب البيان فلو دل على ذلك لفهم وما سأل ورد بالمنع إما الحديث فلان القول بمفهوم الشرط إذا لم يظهر فائدة أخرى كالخرم مخرج الغالب ها هنا إذا كان الخوف هو الغالب حينئذ وإما السوال فلجواز أن يكون مبنيًا على وقوع العمل على خلاف ما فهمه كما يدل عليه سياق القصة. والجواب عن الأول: أن عدم القول بمفهوم الشرط مع أنه أصل عندهم لخروجه مخرج الغالب كلام لا طعم له فإن تعليق رفع الجناح عن القصر بأمر غالب لا سيما الخوف يويد عدم رفعه عند عدمه لأن النادر كالمعدوم ولأن للضرورة المؤثرة في رفعه ربما يكون ناشئة من الغلبة.

وعن الثاني: بأنه لم نرض رأسا برأس حتى جعل سياق القصة دليلًا على فهمه خلاف ما عملوا به وهو ممنوع إذا لو كان سواله مبنيًا على هذه الدلالة لما صح الجواب بأنه صدقة فاقبلوها لأن المستدل بشيء لإيجاب يمنع مداوله من غير التحرض لدليله بل الجواب حاصل أن التقييد بالخوف لغلبته لا لاقتضاء عدمه عدم القصر إما إذا جعل ساكنًا


(١) أخرجه مسلم (١/ ٤٧٨) ح (٦٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>