وثاكً: قوله تعالى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}(التوبة: من الآية ١٢٢) ففيه إيجاب على طائفة غير معينة قلنا مؤول بأن فعَل الطائفة مسقط للوجوب جمعًا بين الدليلين.
وثانيها: في الواجب المخير وهو الواجب بالأمر بواحد منهم من أمور معينة كخصال كفارة اليمين والخلق وجزاء الصد وسائر الكفارات مرتبة فالواجب عنده أحدها منهما وتحقيقه أن الواحد من تلك الأمور من حيث مفهومه الذي لا يتعداها معلوم ومن حيث تعدد ما صدق عليه منهم ومخبر فيه فمعنى وجوبه وجوب تحصيله في ضمن معين ما وإن كان نفسه واحدًا جنسيًا ومعنى تخييره التخير في إيقاعه بين المعينات وكان الواجب معلومًا كلف بإيقاعه معينًا والتوقف إيقاعه كذلك على خصوصيات خير بينها وقال بعض المعتزلة الواجب الجمع ويسقط بالواحد وجوب الباقي فأبو هاشم واضرابه على أن الثواب والعقاب لو أحد هو الأعلى الأول والأدنى في الآخر فالنزاع لفظي وغيرهم على أنهما لكل واحد فمعنوي وبعضهم الواجب معين عند الله تعالى وهو ما يفعله المكلف فيختلف وبعضم معين لا يختلف لكنه يسقط به وبالأخر سقوط الواجب بالنفل.
لنا: إمكان الإيجاب على الوجه المذكور ودلالة النص عليه وفي تمسك المعتزل بالنص قولًا بأن المعطوف على المأمور الواجب واجب مصادرة إما أن التخيير لو اقتضى وجوب الجميع لوجب الترويج من جميع الأكفاء الخاطبة عند أمرها به والإجماع على بطلانه وكذا في وجوب اعتاق واحد من جنس الرقبة للكفارة فطعن فيه الإِمام الرازي بأن وجوب الجميع جمعًا غير لازم وبدلًا غير مجمع على بطلانه وليس بشيء لأن وجوب الجميع بدلًا عين وجوب الواحد المبهم فالملازمة إنما هي على تقدير نقيض المدعي.
للمعتزلة الأولى: أولًا أن التكليف بغير المعين تكليف بالمجهول وعلم المكلف والمكلف بالمكلف به ضروري وبالمحال لأن غير المعين يستحيل وقوعه فكل واقع معين ولا قائل بأنه هو.
قلنا: مفهومه معلوم والإبهام في ذاته كما مر.
وثانيًا: بأن الواحد الدائر واجب ومخير فإن تعدد ألزم التخيير بين الواجب وغيره فيرتفع الوجوب لجواز اختيار الغير وعدم فعله وان اتحد ألزم اجتماع جواز الترك وعدم جوازه في شيء واحد قلنا نختار التعدد لأن الأحد الدائر إذا تعلق به الوجوب والتخيير