المتصاعدة تعطل العقل ولا تزيله فلذا لا يزيل أهلية الخطاب وقد مرت الإشارة إلى أن عده مكتسبًا لكون سببه وهو الشرب اختياريًا ونفسه مرادًا بخلاف الرق فإنه غير مراد والاختيار في بعض سببه الذي هو مجموع الكفر والاستيلاء ثم إن السكر حرام إجماعا لكنه إما بطريق مباح أو محظور فالأول كالسكر من الدواء ولأن الرماك في الأصح وشرب الخمر ملجأ أو مضطرًا وما يتخذ من الحبوب والعسل كالإغماء الغير الممتد يمنع صحة طلاق السكران وعتاقه إلا عالمًا يفعله في رواية وكل تصرف له لأنه كالصداع وإن امتد ليس من جنس ما يتلهى به في الأصل فلا يحد بالسكر مما يجتمع عليه الفساق من الاشربة والثاني كما من الخمر وكذا من الباذق والمنصف إلا عند الأوزاعي لا ينافي الخطاب بالإجماع لأن قوله تعالى {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}[النساء: من الآية ٤٣] معناه إذا سكرتم فلا تقربوها لأن الحال قيد للمطلوب لا الطلب كقوله تعالى {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ}[المائدة: من الآية ١] فإنه حالًا قيد الإيفاء لا إيجابه لوجوبه على محلي الصَيد فلولا أَهلية الخطاب لما جاز كما لا يجوز إذا جننت فلا تفعل كذا فيلزمه أحكام لشرع لأن البلوغ مع العقل سبب ظاهرًا أقيم مقام اعتداله الخفي فإذا فاتت قدرة فهم الخطاب بسبب من العبد هو معصية عدت قائمة زجرا له ولما أهل للخطاب وجب عليه العبادات وإن امتد إذ الأصل إثباتها بخلاف الإغماء لأنه سماوي ولم يعمل به العبارات لاختلالها كالنوم إلا فيما طريقه محظور زجرا له لأنه مكتسب بخلافه فيصح طلاقه وعتاقه والبيع والشرى والإقرار وتزويج الصغير والصغيرة والإقراض والاستقراض والهبة والصدقة لا ردته فلا تبين امراته استحسانًا لعدم الركن وهو تبدل الاعتقاد كما إذا أراد أن يقول اللهم أنت ربي وأنا عبدك فجرى على لسانه عكسه لا يرتد وعمل أبو يوسف رحمه الله بالقياس ولو أسلم صح كالمكره ولم يعتبر السكر دليل الرجوع عنه مع أن السكران لا يكاد يثبت على شيء لأنه يعلو ولا يعلى عليه ولأن الرجوع عنه رده وصريحها إذا لم يعتبر معه فدليلها أولى ولذا صح الإقرار بالقود والقذف وغيرهما مما لايعمل فيه الرجوع لا بالحدود الخالصة كالشرب فسكره ربما يكون لا طريق مباح فيقر بأنه من محظور وكالزنا والسرقتين لقيام دليل الرجوع بخلاف مباشرة الكل حيث يحد إذا صحا فإن الرجوع لا يعمل في المباشرة المعاينة وكذا السكر من المثلث ومن نبيذ الزبيب أو التمر المطوخ العتيق وشربهما لاستمراء الطعام والتقوى على الصيام والقيام لا على قصد السكر حلال عند الأولين إلا عند السكر فإن القدح المسكر حرام لأنهما من جنس ما