العموم حيث قال: أكل عام يا رسول الله، فسكت الرسول حتى قالها ثلاثًا، فقال:"لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم"، أو سراقة حيث قال في حجة الوداع: ألعامنا هذا أم للأبد، والأمر غير مصرح به، قيل: لو فهما لما سألا وأجيب بأنه لعله لمكان الحرج المنفي عنه، قلنا بل مورث الشبهة قياسه على سائر العبادات المتكررة زعمًا منه تكرر سببه مثلها مع معارضة احتمال سببية البيت.
وثالثا: قياسه على النهي قلنا قياس في اللغة ومع الفارق، إما لأن انتفاء الحقيقة مستغرق دون إثباتها، أو لأن دوام فعل بعطل سائر المأمورات والمصالح لا دوام ترك إذ التروك تجتمع وتجامع الأفعال، قيل: الأمر بالشيء نهى عن ضده وإذا وجب التكرر في انتفاء الضد وجب في ثبوته، قلنا لا ولو سلم فإنما يراد النهي عن الضد دائما إن لو أريد الأمر الشيء دائما وإلا ففى ذلك الوقت فاقتضاء النهي الضمني عينا كان أو لازمًا للأمر التكرر موقوف عليه فلو استفيد منه لدار.
ورابعًا: تكرر العبادات قلنا لا بالأمر بل بغيره من السنة والإجماع وربط الحكم بالسبب.
وخامسا: تمسك الصديق - رضي الله عنه - في التكرار بقوله تعالى:{وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣]، من غير نكير حين امتنع بنو حنيفة عن أدائها بعد وفاته عليه السلام، قلنا لعل قوله أو فعله عليه السلام كإرساله الجباة كل حول إلى الملاك أفاد تكراره.
وسادسا: أنه لو لم يتكرر لم يزد النسخ ولا سيما إذا اقتضى الإمرة ولا الاستثناء وإلا كان الواحد حسنا وقبيحا ومستثنى عن نفيه، قلنا لا اللزوم فإن النسخ قبل الفعل جائز ولئن سافلا نسخ إلا بعد دليل التكرار وكذا الاستثناء عين دليله لا النسخ كما ظن وإلا لم يفهم التكليف قبله، ولمجوزه مع إيجاب الوحدة كالشافعي أنه لما اختصر من طلب الفعل كمصدره المنكر الواقع على الأعلى والمحتمل للكل كان كذلك، قلنا: لكنه مفرد ومن الواجب في ألفاظ الوحدان رعاية الوحدة حقيقة إن أمكنت وإلا فاعتبارية ومحض العدد بمعزل منهما ويجيء الحديثان تقريرا وجوابا، ولمجوزهما كالإمام إن شأن الحقيقة احتمالهما إذ كل منهما قيد خارج والامتثال بالمرة لوجود الحقيقة لا لدلالة الأمر، قلنا: لا إن اسم الجنس للحقيقة لا شرط بل مع قيد الوحدة بخلاف علم الجنس ذكره أئمة العربية، ولئن سلم فغايته أن لا يفهم الوحدة من المادة لا من الصيغة، قيل: حسن الاستفسار دليل الاشتراك ولا أقل من المعنوي، قلنا: قد يستفسر عن خلاف الظاهر لشبهة، ولموجبه عند التعليق والوصف تكرر الأحكام عندهما قلنا لفهم السببية لا للأمر، فالتكرر ثمة عقلي لا