للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراد أمر به أم لا وعند المعتزلة شرط فكل مأمور به مراد، وكل منهى عنه مكروه لله تعالى وجد أم لا لنا نحو: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ} [الأنعام: ١٢٥]، {ِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: ٣٤]، فالإضلال والإغواء وكذا الضلالة والغواية مرادة والمأمور به نقيضها ثم هي منهى عنها وليست مكروهة.

وكذا ما روي عنه عليه السلام وعن جميع الأمة ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

والإجماع المتواتر حجة قطعية لهم أولًا قوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} [غافر: ٣١]، نفي إرادة الظلم للعباد وعندكم كل ظلم واقع مراده، قلنا اللام كمعنى علَى كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧]، أي لا يظلم عليهم.

وثانيا: قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦]، فلم يخلق الكافر للكفر ولا العاصي للمعصية كما تقولونَ به، قلناَ عام خص عنه الصبيان والمجانين ليوافق قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: ١٧٩]، فمعناه إلا ليكونوا عبيد في أو المراد من الثقلين من علم الله أن يعبدوه منهما لا العموم. والأصح عندي والله أعلم: أن معناه ليطيعوني فيما هو المراد لا فيما هو المأمور به والمرضى أو لأن أمرتهم بالعبادة وغير لازم منه الفعل وهذا مروي محيي السنة عن علي رضي الله عنه وقيل في الدنيا أو في الآخرة ولكن لا على وجه التكليفك.

وثالثا: أن إرادة غير المرضى والأمر بما لا يريد سفه في الشاهد فكذا في الغائب قلنا لا لجواز اشتمله على عاقبة حميدة كالأمر بذبح إسماعيل عليه السلام حين قال: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: ١٠٢]، أقلها إلزام الحجة بالطاعة أو المعصية.

التاسع: في أن جواز المأمور به يزول بزوال وجوبه بالنسخ خلافا للشافعي؛ لأن الوجوب يتضمنه أن يستلزمه وبطلان المتضمن بطلان للمتضمن أي من حيث هو متضمن، يونسه أن حصة الخاص من العام تستلزمه ولئن سلم فنسخ الوجوب بجميع أجزائه محتمل ولا ثبوت مع احتمال الانتفاء ولذا لما نسخ وجوب قطف الثوب عند إصابة النجاسة لم يبق جوازه، له أن الجواز هو رفع الحرج عن الفعل جزء عام للوجوب الذي هو رفع عنه مع إثباته في الترك وليس من ضرورة انتفائه انتفاء الجواز فلعله بانتفاء المنع من الترك فالناسخ لا يعارض اقتضاء الجواز كما في صوم عاشوراء.

قلنا: رفع الحرج عن الفعل والترك ليس جزؤه بل مناف لجزئه على أن الكلام فيما ليس فيه دليلان ليبقى أحدهما بلا معارض ومجوز صوم عاشوراء فعل النبي عليه السلام أو الشرع العام للصوم لا لأمر الأول والثمرة أن وجوب الكفارة سابقا على الحنث كما في

<<  <  ج: ص:  >  >>