وأما قضاء الفائتة عن أيام التكبير بدونه فلتبعية جهره في غيرها كفوت رمي الجمار
والجمعة والأضحية عن وقتها، وإنما بطل التكبير ببطلان وصفه لكونه مقصودا كأصله لأنه من شعائر الشرائع، ولنا أيضًا ما أشرنا إليه من أن الزمان غير مقصود بالأمر فلا يؤثر اختلاله في سقوطه وأن الوقت كالأجل فلا يسقط الواجب يمضيه وأنه لو وجب بأمر جديد لكان مأتيا به في وقته وأداء.
لا يقال: لو لم يقصد التقييد بالوقت لجاز التقديم عليه ولم يجز بخلاف أداء الدين وإنما لم يسم أداء لاشتماله على استدراك مصلحة فاتت، لأنا نقول عدم صحته قبل الوقت لوقوعه قبل السبب كأداء الشيء قبل الوجوب فإنه تبرع لا يقع عما سيجب أصلًا لا لأن للوقت مدخلا في مقصود العبادة والواقع في وقته لاستدراك المصلحة تكون إعادة لا قضاء فإن التميز بينهما بفوت الوقت مع أن المصلحة الفائتة إن أريد بها فضيلة الوقت فلا استدراك لها وإن أريد بها غيرها فتصديقه مسبوق بتصويرها.
قالوا: أولًا لو وجب بالأمر لكان مقتضيا للقضاء لأن الاقتضاء وهو مطلق الطلب الشامل للندب أعم من الوجوب فيلزمه واللازم منتف للقطع بأن وجوب صوم الخميس لا يقتض وجوب صوم وقت آخر، قلنا: إن أريد عدم الاقتضاء أولًا أو مع وصف الكمال فيسلم وغير مضر أو مطلقًا فممنوعٌ، وإنما يصح لو كان وصف الإيقاع في الخميس مقصودا في أصل الإيجاب وهو ممنوع ولو سلم فلا على تقدير الفوات.
وثانيا: لو اقتضاه لكان أداء ولكان بمثابة التخيير بين الوقتين قلنا إنما يلزم لو لم يكن اقتضاؤه على طريق جبر الفائت بتسليم ما بقي القدرة عليه.
وثالثا: لو اقتضاه كانا سواء فلا يعصي بالتأخير قلنا بعد الجوابين إنما يستويان لو لم يشتمل أحد المقتضين على التقصير.
ورابعا: إن مثل كل قربة عرفت قربة بوقتها لا يعرف إلا بنص وكيف يقاس وقد ذهب فضل الوقت قلنا مسلم ولكن الكلام في أن المشروع قربة في غيره حقا للعبد يجب إقامته مقام الفائت قياسًا على ما نص عليه الشارع معقول المعنى بخلاف ما لم يشرع مثله أصلًا كالجمعة والجهر بالتكبيركما مر.
قيل: هذا النزاع مبني على أن المطلق وقيده شيئان في الخارج كما في العقل واللفظ أو واحد يعبر عنه بالمركب وهو ينظر إلى أن التركيب بين الجنس والفصل وتمايزهما في العقل فقط أو وفي الخارج وتمم بأن الحق أن لا تركيب في الخارج وإلا لم يصح الحمل لاستنادها إلى وحدة الهوية الخارجية فالموجب بالأمر المقيد بالوقت شيء واحد في الخارج لا شيئان