للإمام في أنه مجاز في الاقتصار كما ذكر وحقيقة في التناول ما لنا وزاد أن العام كتعداد إفراده بألفاظها الخاصة لقول أهل العربية إن وضعه للاختصار عنه فيكون المخصص كتعداد بعضها، قلنا: لا كونه كذلك في كل حكم وغرضهم بيان حكمة وضعه إذ المعدد استعمل كل منه في واحد نصا ولا نتغير ذلك بطرح البعض.
وفيه بحث لأن ما تقرر عندهم من أن الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع تشبيه من الطرف الآخر والتشابه بين الشيئين يقتضي المساواة والظاهر من مطلقها المساواة في أداء المقصود وذلك هو الباقي فيما نحن فيه ولا تغير في أدائه بطرح البعض إلا من حيث الاقتصار.
الرابعة: في أن العام المخصص حجة ظنية فيما بقي كغير المخصص عند الشافعي سواء كان المخصوص معلوما كالمستأمن من المشركين أو مجهولا كأن يقال هذا العام مخصوص وكالربا من البيع إذا لم ينحصر في الأشياء الستة اتفاقا وكسارق ما دون ثمن المجن من آية السرقة، ولذا اختلف فيه وكمواضع الشبهة من نصوص الحدود، وقد اختلف في الشبه المعتبرة وهو المذهب عندنا ولذا استدل أبو حنيفة - رحمه الله - على فساد البيع بالشرط بنهيه عليه السلام عن بيع وشرط، وقد خص منه شرط الخيار وعلى الشفعة بالجوار بقوله عليه السلام:"الجار أحق بصقبه"، وقد خص منه وجود الشريك ومحمد على عدم جواز بيع العقار قبل القبض بنهيه عليه السلام عن بيع ما لم يقبض (١) وقد خص منه بيع المهر والميراث وبذل الصلح قبله وخصصه أبو حنيفة - رحمه الله - بالقياس وفيه سبعة مذاهب أخر:
١ - للكرخي وأبي ثور ليس حجة مطلقا.
٢ - ليس حجة إن كان المخصوص مجهولا وإلا فكما قبل التخصيص.
٣ - كما قبله مطلقا؛ لأن المجهول يسقط نفسه.
٤ - للبلخي حجة إن خص بمعلوم متصل وإلا فلا.
٥ - لأبي عبد الله البصري أن أنباء لفظ العام قبله عن الباقي بعده بأن كان الباقي في غير مقيد إنباء المشرك عن الحربي بخلاف السارق عن سارق النصاب عن الحرز فجمعه وإلا فلا.
٦ - لعبد الجبار إن لم يحتج قبله إلى بيان بأن كان ظاهرا كالمشرك في الذمي لا مجملا
(١) أخرجه البيهقي في الكبرى (٥/ ٣١٢) ح (١٠٤٦١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٣٨/ ٤)، الطبراني في الأوسط (٢/ ١٥٤) ح (١٥٥٤).