للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورابعا: أن في المثنى اجتماعا قلنا الأدلة السالفة اقتضت ارتكاب الحمل على الجماعة الشرعية المعتبرة في سنة تقدم الإمام أو حصول فضيلتها وتكمل بالإمام في غير الجمعة وبثلاثة سواء فيها والفرق أن كلا من الإِمام والجماعة شرط في أدائها فلم يعتبر مع الآخر بخلاف سائر الصلوات لا على اللغوية التي فيها النزاع؛ لأنه عليه السلام بعث لتعليم الشرع أو على اجتماع الرفقة بعد قوة الإِسلام كما في قوله عليه السلام: "الواحد شيطان والاثنان شيطانان والجماعة ركب" (١) وسره تحقق الاتفاق في اجتماع الثلاثة لاندفاع تعارض الفردين بالثالث، ولذا جعل الثلاثة في الشرع حدا في إبلاء الأعذار كما في الأسئلة الثلاثة لموسى علية السلام ومدة السفر ومسح المسافر وخيار الشر وغيرها وتسمية الدال على ما فوق الاثنين جمعا للاجتماع لا يقتضي تسمية كل ما فيه اجتماع به كالقارورة.

لنا: في المجازية أيضًا قول ابن عباس - رضي الله عنه - ليس الأخوان إخوة وأنه لا يجوز رجلان عالمون ورجال عالمان.

قلنا: الأول معارض بقول زيد الأخوان إخوة فالتحقيق نفي الحقيقة واثبات المجاز. والثاني: ممنوع لزومه إذْ ربما أوجبوا مراعاة صورة اللفظ والمعنى به أن يكون في كلا الصفة والموصوف أشعار بالاثنينية، أو ما فوقها فلا يعد فيه بناء على جواز زيد وبكر وعمر والعالمون كما توهم، ويؤيده ما يقرر أن الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع أو ممنوع بطلان لازمه أن لم يجب تلك المراعاة.

الثالث: أن الأولين إذا دخلهما لام الجنس وإضافته يطلق على الواحد مجازًا حيث يحنث في لا يتزوج النهياء ولا يكلم بني آدم بالواحد ولو أوصي بشيء لزيد وللفقراء نصف إذا لم يرد العهد أو الاستغراق المجموعي كالمفرد العرف بلام الجنس فيقع على الأدنى ويحتمل الكل مع النية وحينئذ يعم عموم المفرد كما في قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٤]، {لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام: ٧٦]، ويخص خصوصه وهذا لا ينافي ما قال أهل العربية أن متناول الجمع الغير المعهود مستغرقا جميع جمل الجنس لا وحدانة ولا مستغرقا جملة واحدة إذ أفراد الجمع الجمل وإذ فيه رعاية صيغة الجمع ومعناه فإن وضعها للحقيقة المتعددة لا لمطلق الحقيقة وفرعوا عليه أن استغراق المفرد أشمل في الإيجاب والسلب فالكتاب والملك أعم من الكتب والملائكة وأنه في المقام


(١) أخرجه الحاكم في مستدركه (٢/ ١١٢) ح (٢٤٩٦)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٦/ ٥٣٦) ح (٣٣٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>