مأن الفعل نكرة إذا وقع في الإثبات لا يعم لكن ربما يفيد لتعينه بقرينة وإذا وقع في النفي يعم لكن ربما يصدق أمر بنية مخصصة بعض المتناولات أو لإدارة الاستغراق العرفي كنفي كل مساواة يصح انتفاؤها بتخصيص العقل كما في قوله تعالى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر: ٦٢] أي كل شيء يخلق.
ولنا في ذلك طرق: لما لم يدل إثباته على المساواة من كل وجه أما لأنه نكرة في الإثبات، وإما لأنها بعض أفراد الاستواء ولا دلالة للأعم على الأخص إلا بقرينة، ولا قرينة عليها لكذبها وإلا فلا اثنينية تعين إرادة المساواة من الوجه المعين الذي يدل عليه القرينة كالفوز هنا بقرينة قوله {هُمُ الْفَائِزُونَ}[التوبة: ٢٠] والإدراك في قوله {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}[فاطر: ١٩] فرده أنه كان ينفي تلك المساواة كما هو ظاهر مقام رد الزعم الحقيقي أو الاعتباري فقد خص وإن كان ينفي الكل وذلك يحتاج إلى القرينة المعنية ليصدق فالظاهر أنها تلك القرينة والعقل لا يصلح مخصصا ها هنا إلا إذا قلنا له حكم في الحسن والقبح.
٢ - ولئن سلمنا أن المراد نفي مساواة يصح انتفاؤها فليس المساواة التي يعتمد عليها القصاص بين المسلم والذمي كذلك فإنها المساواة في العصمة التي يعمل فيها الإتلاف وهي ثابتة بكلا العهد والدار مؤبدة بخلاف المستأمن من المؤقتة عصمته وهذا بالفروع أنسب.
٣ - أن النكرة في سياق النفي لا تعم في كل محل بل عمومها في البعض بورودها في محل العموم كما مر في ما جاءني رجل وليست الآية في نحو ما نحن فيه واردة في محله بخلاف لا آكل والعام المخصوص فيجب الاقتصار على ما تيقن أنه مراد كمعدم المساواة في الفوز والادراك يويده أن المساواة غير منفية بين الأعمى والبصير في الأحكام المذكورة.
٤ - الطريقة المسلوكة في "رفع عن أمتي الخطأ"(١) إذْ لا يراد نفي الاستواء في الذوات
(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه (١٦/ ٢٠٢) ح (٧٢١٩)، والحاكم في مستدركه (٢/ ٢١٦) ح (٢٨٠١)، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، والبيهقي في الكبرى (٦/ ٨٤) ح (١١٢٣٦)، والدارقطني في سننه (٤/ ١٧٠)، وابن ماجه (١/ ٦٥٩) ح (٢٠٤٣)، وابن أبي شيبة في مصنفه (٤/ ٨٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٩٥١٣)، والطبراني في الأوسط (٨/ ١٦١) ح (٨٢٧٣)، والصيداوي في معجم الشيوخ (١/ ٣٦٢٣٦١)، والطبراني في مسند الشاميين (٢/ ١٥٢) ح (١٠٩٠)، والصغير (٥٢١٢) ح (٧٦٥)، والكبير (٩٧١٢) ح (١٤٣٠)، وانظر التلخيص الحبير (١/ ٢٨١)، خلاصته البدر لمنير (١/ ٥٤)، نصب الراية للزيلعي (٢/ ٦٤).