وثالثًا: احتجاج العلماء في كل عصر بها وهو إجماع على العموم قلنا لعله لعلمهم بتناوله لهم بدليل آخر ككون خطاب التكليف في معنى الإخبار جمعا بين الأدلة وإن دل ظاهر سياق القصص على أن احتجاجهم بنفس العموم قيل على الجوابين أن الأدلة الأُخر أيضًا من الخطابات أو مما ثبت حجيته بها من الإجماع والقياس فلا يتناول المعدومين قلنا بإجماع أو تنصيص على ثبوت الحكم أو حجية الأدلة في حق المعدومين أيضًا نحو الجهاد ماض إلى يوم القيامة مثلا.
السادس عشر: دخول المتكلم في عموم متعلق الخطاب خبرا كان نحو {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٩] أو إنشاء نحو من أكرمك فأكرمه ولا تهنه إذا أريد الخطَاب العام المَراد به كل أحد كما في
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
البيت يقتضي دخوله فيه وقيل لا لقرينة أن الخطاب منه مثاله قوله عليه السلام "بشر المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة"(١).
لنا: تحقق المقتضي وعدم المانع ولهم لزوم خلق الله تعالى نفسه في {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد: ١٦]، قلنا خص عقلا.
السابع عشر: أن الوارد للمدح أو الذم يبقى على عمومه، ويثبت الحكم به في جميع متناولاته خلافا للشافعي رحمه الله تعالى فأحال التمسك بعموم الذهب والفضة في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ}[التوبة: ٣٤] الآية في وجوب الزكاة بالحلي المباح الاستعمال كما هو مذهبنا أما في المحرم لعينه كما بينهما أو بالقصد كأن يقصد بحلي النساء أن يلبسه الغلمان، أو بحلي الرجال كالسيف والمنطقة، أن يلبسه الجواري فيوافقنا في وجوبهما.
لنا تحقيق المقتضى وانتفاء المانع إذ لا ينافيه المدح والذم، له أن التوسع والعموم مبالغة وإغراقا معهود فيهما.
قلنا فسياقهما دليل إرادته فعدمها ولئن سلم فلا منافاة بينه وبينهما حتى يدل ثبوت أحدهما على انتفاء الآخر، ومما يواجههما المطلق والمقيد فالمطلق ما دل على الذات دون الصفات؛ لا بالنفي ولا بالإثبات وقيل ما دل على شايع في جنسه أي حصة محتملة
(١) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (٢/ ٣٧٧) ح (١٤٩٩)، والحاكم في مستدركه (١/ ٣٣١) ح (٧٦٨)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه والترمذي (١/ ٤٣٥) ح (٢٢٣)، والبيهقي في الكبرى (٣/ ٦٣) ح (٤٧٥٥)، وأبو داود (١/ ١٥٤) خ (٥٦١)، وابن ماجه (١/ ٢٥٧) ح (٧٨١).